يشهد قطاع الأعمال تغيرات وتطورات متسارعة أكثر من أي وقت مضى، مما زاد من أهمية التعلم المستمر ضمن الشركات. تتجه المزيد من الشركات لاعتماد نظام المؤسسة التعليمية بغية تهيئة القوى العاملة لأي تغيرات أو أزمات غير محسوبة تطرأ في السوق. قدم الجزء الأول من المقال معلومات وافية عن مبدأ عمل المؤسسة التعليمية، وخصائصها، وفوائدها، ويبحث الجزء الثاني في خطوات الانتقال إلى نظام عمل المؤسسة التعليمية، فتابعوا معنا السطور التالية.

خطوات إنشاء مؤسسة تعليمية

تحتاج النقلة النوعية لنظام المؤسسة التعليمية لبعض الوقت، وهي تتطلب إعادة هيكلة إستراتيجيات التعلم والتطوير، والاستفادة من الخبراء الموجودين في المؤسسة، وتوفير الأدوات والفرص التي تدعم المبادرات والأنشطة التعليمية.

فيما يأتي 5 خطوات لإنشاء مؤسسة تعليمية:

1. تحديد الخبراء الموجودين ضمن المؤسسة

تقتضي الخطوة الأولى الاستعانة بالخبراء الموجودين ضمن المؤسسة، وهي ضرورية وتهدف إلى الحصول على المساعدة اللازمة لتسريع النقلة النوعية إلى نظام المؤسسة التعليمية.

تحديد الموظفين الخبراء في مختلف أقسام المؤسسة

ينبغي أن تحدد الخبراء الموجودين في الشركة، وتستعلم عن مدى استعدادهم للمساهمة في تحديد الثغرات المعرفية والاحتياجات التدريبية للموظفين الجدد في أقسامهم. يمكنك أن تطلب من قادة الفِرَق تحديد الخبراء الموجودين في أقسامهم.

إرسال استبيان قصير للخبراء والمتطوعين في تحديد الثغرات المعرفية في المؤسسة

تهدف هذه الخطوة إلى مساعدة الخبراء في تحديد محاور محتوى الدورات التدريبية التي تجري ضمن الشركة.

فإذا كنت تعمل على إعداد برنامج لتأهيل الموظفين الجدد في قسم التسويق على سبيل المثال، عندئذٍ عليك أن تطلب مساعدة الموظفين القدامى في القسم في تحديد الاحتياجات التدريبية لزملائهم الجدد. يمكنك أن تطلب مساعدة الموظفين الجدد في هذه المرحلة أيضاً، وتسألهم عن عيوب برنامج التدريب والصعوبات التي تعرضوا لها عند الالتحاق بالعمل.

2. تأمين فرص التعلم الفعال

عليك أن تستخدم المعلومات التي جمعتها في الخطوة السابقة في إعداد دورات تدريبية تفيد المشاركين وتجذب اهتمامهم، بل ويمكنك أن تطلب من الخبراء أن يشاركوا في إعداد هذه الدورات التدريبية. تقدم منصات التعلم التعاوني أدوات لتنظيم إجراءات العمل ومساعدة الخبراء في التعاون على إعداد الدورات التدريبية.

إعداد دورات تدريبية تفاعلية

يُنصَح بإعداد دورات تدريبية تفاعلية عند الإمكان، وذلك عبر إجراء الاختبارات الإلكترونية، وتطبيق تمارين تفاعلية تقدم مواقف وحالات مستوحاة من بيئة العمل وهو ما يُطلَق عليه اسم التعلم القائم على السيناريو، مما يساعد المتعلمين في استيعاب المعلومات وترسيخها في ذاكرتهم.

تعزيز التعلم التعاوني

يجب إطلاق مبادرات التعلم الفعال باستخدام مبادئ التعلم التعاوني، وذلك عبر إجراء جلسات المنتورينغ أو تطبيق برامج تعلم الأقران التي تهدف لتأهيل الموظفين الجدد، وتعريفهم على بعضهم، وتشجيعهم على تبادل الخبرات والمعلومات.

يمكن الاستفادة من وسائل الاتصال المفتوح مثل تطبيقات "سلاك" (Slack) أو "تريلو" (Trello) في تعزيز التعلم الاجتماعي والفعال. يمكن أن يرسل الموظف المشكلة التي يواجهها في العمل إلى القناة أو المجموعة الخاصة بفريقه ويستفيد من اقتراحات زملائه. يتسنى لأعضاء الفريق بهذه الحالة أن يساهموا في حل المشكلات ويتعلموا من بعضهم.

استخدام "نظام إدارة تعلم" مناسب

يتطلب تطبيق ثقافة المؤسسة التعليمية استخدام "نظام إدارة تعلم" مناسب يتيح إمكانية تخزين واستضافة الدورات التدريبية الرقمية، ومتابعة أداء الموظفين، وجمع التغذية الراجعة من المشاركين، وتحديد عيوب البرنامج. في حال بينت تقارير الأداء أنَّ معظم المشاركين يتوقفون عن متابعة الدورة التدريبية في مرحلة معيَّنة، عندئذٍ عليك أن تعيد النظر في هذا الجزء من المحتوى وتجري التعديلات اللازمة لتحسينه وزيادة تفاعل الموظفين معه.

تساعد منصات التعلم التعاوني في تحديد التوقيت المناسب لتحديث محتوى الدورات التدريبية وإجراء التعديلات اللازمة عليه.

المؤسسة التعليمية: خصائصها وفوائدها وخطوات إنشائها

3. المواظبة على تحسين محتوى الدورات التدريبية

تنجح برامج التدريب عندما تكون مفيدة للمشاركين، لهذا السبب يجب أن تطلب من أعضاء الفريق تقييم الجهود المبذولة في مبادرات التدريب.

إجراء دراسة تحليلية لاحتياجات الموظفين

إجراء دراسة تحليلية لاحتياجات الموظفين وبرامج التدريب لكي تتحقق من فعالية المحتوى والمواد في تلبية احتياجات الموظفين. يتم ذلك عبر إرسال استبيانات مجهولة الهوية لمعرفة رأي أعضاء الفريق بثقافة المؤسسة التعليمية، وتقييمهم لأساليب وصيغ التعلم المستخدمة، وطلب مقترحاتهم وأفكارهم فيما يتعلق ببرامج التدريب وإجراءات العمل الجديدة.

تطبيق نتائج تحليل بيانات التغذية الراجعة بأقصى سرعة ممكنة

يجب أن تختار "نظام إدارة تعلم" يقدم أدوات تساعد في تعديل محتوى الدورة التدريبية بسرعة وذلك بحسب بيانات التغذية الراجعة. في حال اشتكى الموظفون من طول مدة الدورة التدريبية على سبيل المثال، عندئذٍ عليك أن تجزئها إلى وحدات قصيرة موزعة على عدد من الجلسات.

إرسال استبيانات تقييم اندماج الموظفين

تهدف هذه الاستبيانات إلى تكوين فكرة عن موقف الموظفين تجاه الشركة، وهي تساعد في تقييم مقدار التحسن في اندماج الموظفين وتفاعلهم بعد الانتقال لنظام المؤسسة التعليمية أو إجراء التغييرات على الدورات التدريبية أو أساليب التعلم في المؤسسة.

يجب من ناحية أخرى أن تعمل على تحديث المعلومات والمواد باستمرار لكي تضمن تقديم محتوى مفيد ودقيق للموظفين.

4. إنشاء مسارات تعلم لتحقيق أهداف التنمية المهنية

يجب تشجيع الموظفين على التعلم بهدف تحقيق التقدم المهني ضمن الشركة، أي ينبغي أن تهدف مبادرات التعلم لمساعدة الموظفين في تنمية مهاراتهم وإمكانياتهم بطريقة تؤهلهم لإحراز المزيد من التقدم المهني. يمكنك أن تقدِّر بعد ذلك الجهود التي يبذلها الموظفون في التعلم والتطور وتختار المرشحين للترقي في العمل بناءً على هذه التقديرات. ينبغي أن ترقي الموظف الذي يطور مهاراته وإمكانياته ويساهم في تحسين الشركة وتطوير نظامها وثقافتها.

على فرض أنه ثمة موظف يعمل في قسم التسويق بالمحتوى لكنه يطمح للتخصص في مجال ريادة الفكر. يمكن أن تكون أهدافه على الشكل التالي:

  • قراءة 4 مقالات عن ريادة الفكر كل أسبوع.
  • قراءة كتابين عن ريادة الفكر.
  • تقديم 3 مقترحات في مجال ريادة الفكر لرئيس القسم ونيل الموافقة على أحدها.
  • كتابة مقال عن ريادة الفكر، وتنقيحه، ونشره.

يجب أن تتخذ قرار الترقية عندما ينتهي الموظف من تحقيق هذه الأهداف بشرط وجود حجة تجارية قوية تبرر ترقية الموظف للمنصب الجديد. عليك أن تحتفي بعد ذلك بالترقية وتشجع بقية الموظفين على تنمية مهاراتهم وإمكانياتهم ومتابعة اهتماماتهم.

يمكن تنظيم إجراءات تنمية المهارات عبر الاستفادة من مسارات التعلم، وذلك عبر استخدام "نظام إدارة تعلم" يتيح إمكانية تقسيم الدورات التدريبية إلى مجموعة من مسارات التعلم. مسارات التعلم هي عبارة عن مجموعة من الدورات التدريبية المنظمة بتسلسل منطقي يوجه الموظفين الجدد عند التحاقهم بالعمل والموظفين القدامى عند الترقي إلى منصب جديد في الشركة.

5. نشر ثقافة التعلم على نطاق المؤسسة بأكملها

لا يجب أن تقتصر إجراءات التعلم على أحد الأقسام، بل ينبغي أن تُطبَّق ثقافة التعلم والتطور على نطاق المؤسسة بأكملها.

تطبيق ممارسات التعلم وإجراءاته في جميع أقسام المؤسسة

يجب تطبيق ممارسات وإجراءات التعلم والتدريب التي تثبت فعاليتها في جميع أقسام الشركة. تهدف سياسية المؤسسة التعليمية إلى إتاحة فرص التعلم والنمو والتطور لجميع الموظفين، ويجب أن تضع في حسبانك أنَّ بعض الأقسام تحتاج لوقت أطول من غيرها في التأقلم مع نموذج عمل المؤسسة التعليمية وقد تضطر لإجراء بعض التغييرات على طريقة تعاطيك مع هذه النقلة النوعية.

تحتوي "أنظمة إدارة التعلم" على أدوات تتيح إمكانية تحديد الأقسام التي تشارك في إعداد المحتوى التعليمي واستيعابه. يجب أن تركز جهودك على الأقسام المتأخرة وتقنع الخبراء الموجودين فيها بإعداد المزيد من الدورات التدريبية وذلك عن طريق إطلاعهم على التطورات التي أحدثتها هذه الدورات في بقية الأقسام.

متابعة التقدم عبر استبيانات الاندماج

تتزايد أهمية استبيانات الاندماج المذكورة آنفاً مع توسيع نطاق مبادرات المؤسسة التعليمية، وذلك بسبب صعوبة الإشراف عليها عندما تُطبَّق في جميع الأقسام.

بالتالي، يجب إجراء استبيانات اندماج خاصة بكل واحد من أقسام المؤسسة من أجل تحديد الثغرات المعرفية والجوانب التي يجب أن تركز عليها برامج التدريب. يُنصَح بإجراء برامج تدريب في مختلف أقسام المؤسسة لكي يدرك الموظفون فوائدها ويتشجعوا على اتخاذ زمام المبادرة وإعداد البرامج بأنفسهم.