الآن بعد أن خفَّت القيود وأصبح من الممكن استئناف التعليم المباشر، لا تفترض أنَّ كل عملك الشاق لإتقان التعلُّم الافتراضي خلال الأعوام الماضية سيذهب سدى؛ إذ إنَّ التعلُّم المُدمَج هو المستقبل، ولكنَّ تقديمه بالطريقة الصحيحة يتطلَّب مهارات حل المشكلات.

لم تكُن أزمة كوفيد 19 (Covid-19) وتأثيرها في العالم وفي مجال التعليم والتطوير (L&D) متوقعة أبداً، ولقد دفعنا ذلك جميعاً إلى العمل الافتراضي، فقد كان بعضنا على استعداد بينما فشل الآخرون، ولقد تطوَّر بعضنا في المهارات وبناء الثقة، بينما شعر بعضنا الآخر بالإرهاق نتيجة استخدام برامج التواصُل عبر الإنترنت، واليوم يُفضِّل بعضنا العودة إلى التعلُّم المباشر، بينما يلاحظ بعضنا الآخر قيمة ما يمكن أن تقدِّمه بيئة التعلُّم الافتراضية ولا يرغبون في العودة إلى التعلُّم المباشر.

مع تخفيف القيود أصبح من المنطقي تحسين مهاراتنا في تقديم التعليم عبر الإنترنت وليس مجرَّد العودة إلى التعليم المباشر لمجرَّد أنَّنا نفتقد ذلك؛ فعندما تخفُّ القيود ونمتلك المزيد من الخيارات لاستخدام التعليم المباشر، فكيف سننطلق؟

لماذا استغرقَ التحوُّل الرقمي وقتاً طويلاً؟

يوجد العديد من الأسباب التي تجعل الأمر يستغرق كل هذا الوقت الطويل، ومع ذلك تحسَّنت الكثير من الأمور بسبب الجائحة، مثل:

  • استخدام بعض البرامج السهلة والتي تحتوي على ميزات لتحسين التفاعل، مثل تطبيق زووم (Zoom).
  • مجموعة متنوعة من الأدوات عبر الإنترنت مثل مورال (MURAL) ولينو إت (LinoIt) ومينتيمتر (Mentimeter) وغيرها الكثير، والتي تجعل تجربة التعلُّم الافتراضية أمراً لا يمكن أن يحدث بأسلوب التعلُّم المباشر.
  • تجهيزات خاصة بالاستوديو بأسعار معقولة مثل الميكروفونات والشاشات الخضراء - تقنية تصوير فوتوغرافي لتصوير موضوع ما أمام خلفية خضراء - والإضاءة.
  • ظهور دور المُضيف أو المنتج لتخفيف الضغط عن الميسر أو المدرب.

التفكير في الأمور التي يمكنك إنجازها عبر الإنترنت:

مع تخفيف القيود أصبح من المنطقي تحسين مهاراتنا في تقديم التعليم عبر الإنترنت وليس مجرد العودة إلى التعليم والتدريب المباشر لمجرَّد أنَّنا نفتقد ذلك؛ فبدلاً من ذلك نحن نحتاج إلى التفكير فيما إذا كان ذلك مناسباً، والتفكير في الأمور التي يمكننا إنجازها عبر الإنترنت ولا يمكن القيام بها بأسلوب التعلُّم المباشر، على سبيل المثال:

  • التعلُّم غير المتزامن.
  • تقديم كثير من الناس إسهامات متزامنة.
  • المساهمات بعد أو قبل الدورة.
  • تسجيل الأفكار دون أن يضطر الميسر إلى تدوين الملاحظات.
  • تسجيل الجلسة لتوزيعها بسهولة لاحقاً.
  • الوصول إلى المشاركين في كل أنحاء العالم بتكاليف منخفضة.
  • اللقاء والتفاعل في أيِّ وقت.
  • الحضور أو التقديم وأنت مرتاح في منزلك.

العثور على الأداة المناسبة لحل المشكلات:

من المنطقي عدُّ البيئة الافتراضية إحدى الطرائق العديدة التي قد نستخدمها للتعلُّم، وليست مجرَّد مسألة اختيار بين التعليم الافتراضي والتعليم المباشر، ومن المنطقي أن تجد الأداة المناسبة للوظيفة التي تريدها؛ وللقيام بذلك يجب أولاً تحديد المشكلة التي يمكنك حلها بطريقة جيدة.

من أجل تحديد المشكلة بصورة صحيحة، ستحتاج إلى:

  1. الاندماج مع أصحاب المصلحة المناسبين والحصول على مجموعة متنوعة من وجهات النظر.
  2. النظر إلى ما هو أبعد من احتياجات التعلُّم وطرح الأسئلة للكشف عن مشكلات العمل.
  3. طرح أسئلة تتعلَّق بمعرفة أسباب أداء المهام بطريقة معيَّنة وما هي الأخطاء المُتوقَّعة.

الاندماج مع أصحاب المصلحة المناسبين:

بالنسبة إلى الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الحصول على التأييد والدعم من أصحاب المصلحة، ربما قد حان الوقت لإعادة تقييم مَن هُم الأشخاص الذين يجب أن تعمل معهم ومن يجب أن تتخلى عنهم، وتُعَدُّ شبكة تحليل أصحاب المصلحة أداة مفيدة تساعد على هذه العملية، وفي نهاية الأمر يجب أن تكون لديك قائمة بالأشخاص الذين يمكنك الاندماج معهم وبعض الأفكار عن طريقة الحصول على تأييدهم.

من خلال وجود عدد من أصحاب المصلحة يمكنك الحصول على وجهات نظر مختلفة لنفس المشكلة، ومن ثم يمكن أن يساعدك ذلك على إيجاد حل يفي بالغرض.

النظر إلى ما هو أبعد من احتياجات التعلُّم:

عندما يأتي شخص ما إلى متخصص في مجال التعليم والتطوير، ويطلُب منه تلقِّي بعض التدريب أو التعلُّم، فالجميع بطبيعة الحال يرغب في تقديم المساعدة، ومع ذلك يجب علينا مقاومة السعي إلى تقديم الحلول وافتراض أنَّه يمكننا حل المشكلات بالتدريب أو التعلُّم، والسؤال الجيد الذي يجب طرحه هنا هو: "ما الأمر الذي سبَّبَ حدوث هذه المشكلة؟"؛ فيمكن استخدام نموذج هاير (HIRE model) للتعمُّق في احتياجات أصحاب المصلحة، ويمكن أن يكون ذا قيمة لا تُقدَّر بثمن كطريقة لتحديد ما الذي يحدث بالفعل.

طرح الأسئلة البسيطة:

لا أحد يريد أن يبدو سخيفاً، لكن بصفتك متخصصاً في مجال التعلُّم والتطوير، فأنت تمتلك فرصة فريدة لمعرفة المزيد عن طريقة عمل المنظمة، وهذا بحد ذاته يمكن أن يعطي فرصاً لرؤية الصورة الأكبر، بينما يكون الأشخاص الذين نحاول مساعدتهم غير قادرين على إيجاد الحل، والفضول أمر مفيد دائماً في هذه الحالة، على سبيل المثال يمكنك أن تقول: "أنا لدي فضول لمعرفة لماذا تحدث هذه المشكلة في هذا القسم ولا تحدث في قسم آخر؟".

بعد أن تكون لدينا فكرة واضحة عن المشكلة، يصبح العثور على الحل سهلاً جداً، ويصبح اختيار الأداة المناسبة للوظيفة أمراً يتعلق بالعمل من خلال سلسلة من الأسئلة التي ستوجِّهك للحصول على الحل الأفضل:

  • هل يتعلق الأمر بالمعرفة أم بالمهارات أم بالتعلُّم السلوكي؟
  • هل يتعلق بالتعلُّم الفردي أم الجماعي؟ "أنت تحتاج إلى تحديد ما إذا كانوا بحاجة إلى إثبات أنَّهم قد حققوا الهدف بصورة فردية".
  • هل يتعلَّق بتعلُّم المهارات التقنية أم الناعمة؟
  • هل المتطلبات مرتبطة بالأداء أم بالامتثال التنظيمي؟

في الختام:

لا تحاول وضع الحلول قبل أن تقرر ماهيَّة المشكلة، فقد لا يتطلَّب الأمر أيَّ تدريب على الإطلاق؛ إذ كلما سألت أكثر عمَّا يحدث بالفعل، كان تعلُّمك أكثر توافقاً مع احتياجات العمل الفعلية وليس فقط المشكلات المُتصوَّرة؛ لذا ألقِ نظرة على ما يمكنك إنجازه عبر الإنترنت وليس على الأمور التي لا يمكنك فعلها، وفكِّر في الخيارات الأخرى للمشكلة بعد تحديدها جيداً.