تهدف برامج تدريب الموظفين إلى تحسين إنتاجيتهم وأدائهم في العمل، والتغلب على المشكلات التي تعترض سير العمل في الشركة، فقد قدَّم الجزء الأول من المقال 5 خطوات لإعداد برامج التدريب، ويبحث الجزء الثاني والأخير منه في بقية الخطوات، فتابعوا معنا السطور القادمة.

6. تجزئة محتوى التدريب إلى وحدات قصيرة:

الحصين هو بنية دماغية مسؤولة عن تخزين المعلومات في الذاكرتين قصيرة وطويلة الأمد، وينشط الحصين عند التركيز على موضوع معين، وتقتضي وظيفته تخزين المحتوى الذي يتعامل معه الفرد، ويبلغ الحد الأقصى لمدى انتباه الإنسان نحو 20 دقيقة، ثم ما يلبث أن يفقد تركيزه ويتوقف عن متابعة محتوى التدريب.

يجب مراعاة خصائص الدماغ وقدراته عن طريق تقسيم المحتوى إلى وحدات قصيرة تبلغ مدتها 20 دقيقة كحد أقصى، يليها نشاط بسيط يساعد على استيعاب المعلومات وترسيخها في الذاكرة، وقد تتراوح مدة هذا النشاط من دقيقة واحدة إلى نصف ساعة.

يساهم هذا النشاط في ترسيخ المعلومات ضمن الذاكرة وتنشيط المتدربين ومساعدتهم على استعادة تركيزهم قبل الانتقال للمحور التالي، وطريقة التجزئة فعالة للغاية عند تقديم الدورات التدريبية الطويلة.

7. تصميم التمرينات والنشاطات:

يجب تكرار السلوك لنحو 40-50 مرة حتى تتمكن العقد القاعدية من تكوين عادة يطبقها المتدرب بشكل تلقائي في حياته اليومية، لهذا السبب يجب أن تحتوي برامج التدريب على تمرينات عملية يطبقها المتدربون خلال الجلسة، وتزداد ثقة الموظف بنفسه بفضل هذه التمرينات العملية، وهو ما يشجعه على تطبيق السلوكات الجديدة في أثناء تأدية مهامه الوظيفية.

ثمة بنية ضمن الدماغ يُطلَق عليها اسم العِنان، وتقتضي وظيفتها الاستجابة للتجارب الفاشلة والتأثير في القرارات والأفعال المستقبلية عن طريق إفراز مواد كيميائية معيَّنة تتحكم بالسلوكات.

يجب تصميم تمرينات تطبيقية آمنة من الناحية الجسدية والنفسية لمساعدة المشاركين على الاستفادة من الطريقة الطبيعية التي يتعلم بواسطتها الإنسان عبر الاستكشاف، واقتراف الأخطاء وتصويبها، فيجب أن تتقبل الفشل وتتعلم من التجربة وتستفيد منها في محاولاتك المقبلة.

المرحلة الثالثة: مرحلة تطبيق برنامج التدريب

يتم في هذه المرحلة تقديم برنامج التدريب للجمهور وفق الطريقة المناسبة، ويمكن إجراء التدريب عبر الإنترنت، أو على أرض الواقع، أو بشكل ذاتي، أو بقيادة مدرب، وبشكل متزامن أو غير متزامن.

غالباً ما يتم تحديد طريقة التقديم خلال مراحل الإعداد، وفي جميع الأحوال يمكنك أن تخصص ما يكفي من الوقت لتجريب الحل وإجراء التعديلات اللازمة لتحقيق أفضل النتائج الممكنة، وتتألف هذه المرحلة من الخطوات الآتية:

8. تقديم محتوى احترافي:

فيما يأتي 3 خطوات لتقديم محتوى احترافي:

1. تجريب البرنامج على عيِّنة من الجمهور وإجراء التعديلات اللازمة:

تقتضي هذه الخطوة اختبار البرنامج بمفردك وإجراء دورة تجريبية على عيِّنة من الجمهور، ويجب أن تختبر سلاسة المحتوى وسهولة الانتقال بين المحاور، وكفاية الوقت المخصص للبرنامج، كما ينبغي أن تواصل إجراء الاختبارات والتعديلات حتى تصل إلى الجودة المناسبة.

2. التدريب على إلقاء العرض التقديمي:

يجب أن تتدرب على إلقاء العرض التقديمي مرات عدة في بيئة وظروف مشابهة لتلك التي سيجري فيها التدريب، كما يجب عليك أن تتدرب على إلقاء المحتوى بصوت عالٍ، وتجرب المعدات والمنصات التي تستخدمها في حالة التدريب عن بعد حتى تطلع على كافة الميزات والأدوات المتوفرة، وقد تصوِّر نفسك وتنتبه إلى الأخطاء في طريقة التقديم والإلقاء وحركات لغة الجسد لكي تتجنبها عند تقديم التدريب الحقيقي.

3. تحضير مواد إضافية لاستخدامها عند الحاجة:

قد يكون محتوى التدريب متميزاً، ولكنَّه لا يتوافق مع احتياجات الجمهور المستهدف وتوقعاته بشكل كامل، ومن ثمَّ يجب عليك أن تأخذ بالحسبان كافة الاحتمالات، وتحضِّر مجموعة من النشاطات التي قد تستعين بها عند الحاجة في أثناء إلقاء المحتوى، وقد تضيف أيضاً نشاطات يمكن إيجازها أو الإسهاب فيها أو اختصارها أو الحذف منها.

9. تهيئة الدماغ:

اكتشف علماء الأعصاب أنَّ تحفيز الدماغ وتهيئته قبل بدء التعلم يزيد من قدرة الفرد على ترسيخ المعلومات المكتسبة، وتضمن هذه الطريقة صحة المعلومات ودقتها عند استخدامها في المستقبل.

تقتضي الطريقة المثالية لتهيئة المتدربين طرح أسئلة تتعلق بمحتوى التدريب قبل شرحه، ويمكن طرح هذه الأسئلة في بداية الجلسة الأولى أو ضمن نشاط تحضيري سابق للدورة التدريبية.

يمكنك أن تختبر معلومات الحاضرين عن المحتوى عن طريق تنظيم نشاط أو تمرين معيَّن، وتحرص على إخبارهم أنَّ تقديم الإجابات الخاطئة أمر طبيعي في هذه المرحلة، كما يجب أن تكون الأسئلة بسيطة مثل الاختيار من متعدد، أو ملء الفراغات، أو اختيار العبارات الصحيحة من الخاطئة على سبيل المثال.

أثبتت الدراسات العلمية أنَّ النشاطات التحضيرية تزيد من فاعلية عمليات التعلم؛ وذلك لأنَّها تؤدي إلى تكوين مسارات دماغية تستقبل المعلومات وتخزنها عند تقديم المحتوى.

تؤدي هذه الطريقة من ناحية أخرى إلى زيادة مستوى اندماج المشاركين وفضولهم وتفاعلهم مع المحتوى رغبةً منهم في الحصول على الأجوبة التي يحتاجون إليها، كما قد تضفي هذه النشاطات بعض المرح والمتعة على التجربة.

10. إضافة مزيد من العناصر إلى تجربة التعلم:

يخزن الدماغ البشري المعلومات باستمرار، وهذا يعني أنَّ محتوى التدريب هو مجرد مرحلة من تجربة التعلم الخاصة بالمتدربين، وبناءً عليه، يجب أن تزود المتدربين بمزيد من المصادر والمواد مثل مقاطع الفيديو، والمراجع، والتقييمات، والنشاطات، والواجبات، إضافة إلى تطبيق برامج الكوتشينغ بين الأقران.

يجب عليك أن تخصص بعض الوقت لتحليل التجربة ودراستها بعد انتهاء برنامج التدريب عن طريق الإجابة عن الأسئلة الآتية "ما هي العناصر التي نجحت في تحقيق الأهداف المطلوبة؟ وما هي التحسينات التي يمكن إجراؤها على برنامج التدريب؟ وما هي الملاحظات التي تود أن تضيفها إلى النشاطات؟ وماذا تستنتج من التقييمات؟".

يجب أن تستفيد من هذه المعطيات والاستنتاجات في تحسين تصميم البرنامج وطريقة تقديمه وتنمية مهاراتك وخبراتك في مجال التدريب.

الأسئلة المستخدمة في تقييم الاحتياجات التدريبية:

تساعد الأسئلة على تحديد المشكلة والاحتياجات التدريبية، ويُذكَر منها ما يأتي:

1. ما هي المشكلة التي تواجهها الشركة، وما هو التغيير الذي تحتاج إلى إجرائه؟

2. من هم الأشخاص المعنيِّون بالمشكلة؟

3. كيف سيسير العمل في الشركة عندما يؤدي العاملون واجباتهم بشكل مثالي؟

4. ما هي السلوكات والأفعال التي تدل على الأداء المثالي؟

5. ما هي الأدوات والمقاييس المستخدمة في تقييم الأداء؟

6. ما هي العوامل التي تعوق الموظفين وتمنعهم من تحقيق أداء مثالي في العمل في الوقت الحاضر؟

7. هل ثمة من يؤدي عمله على أكمل وجه؟ وما الذي يميز أداء هؤلاء الموظفين عن زملائهم؟

8. هل ثمة معلومات إضافية يجب أن نأخذها بالحسبان قبل أن نبدأ بتصميم برنامج التدريب؟

9. هل ثمة معطيات إضافية أو اختبارات يجب أن نجريها لتكوين صورة أوضح عن الوضع الراهن؟

10. ما هي صيغة التدريب المتاحة بالنسبة إلى العاملين؟

11. هل ثمة توقيت معيَّن خلال اليوم أو الأسبوع تكون فيه فاعلية التدريب أقوى؟

12. ما هي الإجراءات التالية؟

13. ما هي التحديات أو العقبات التي قد تعترض تطبيق البرنامج؟ وكيف يمكنك أن تتجاوزها؟

تقييمات واسعة النطاق:

يجب أن تدرس وضع الشركة ومدى تأثيره في تقديم البرنامج في مرحلة جمع المعلومات، وذلك عن طريق مناقشة الأسئلة الآتية:

1. ما هي مرحلة التنمية التي تمر بها الشركة؟

لكل مرحلة أهدافها، ونشاطاتها، وعقباتها التي يجب أن تُؤخَذ بالحسبان عند تصميم البرنامج.

2. هل ثمة توجهات سائدة في قطاع أو سوق العمل؟

قد تتأثر استراتيجية الشركة بالمشكلات في سلسلة التوريد أو بتصاعد الابتكار المزعزع  في السوق، وقد تحتاج إلى تأهيل القوى العاملة نتيجة ذلك.

3. ما هي العوامل الأخرى التي تؤثر في أداء الموظفين في الشركة؟

قد يؤثر تسريح العمالة والتغير في قيادات الشركة في الحالة العاطفية للموظفين وسلوكاتهم.

4. ما هو الوضع الحالي للمتدربين من ناحية مستوى المهارات والحماسة تجاه التدريب؟

قد يتعرض الموظفون للتعب أو الاحتراق النفسي، وهو ما يؤثر في مستوى حماستهم وشغفهم تجاه التدريب بعد إجراء مبادرات للتغيير ضمن الشركة.