إنَّ طريقة تقييم التدريب بفاعلية هي تحدٍ شائع تواجهه فِرق التعلم والتطوير (L&D) منذ عقود، فعلى الرغم من أنَّ معظم المدربين يعرفون أهمية التقييم، وقرؤوا مقالات عنه، وربما جربوا بعض النماذج، إلا أنَّ التقييمات التي أجروها لم تتجاوز الاستبيانات في نهاية الدورة أو أسئلة الاختيار من متعدد.

3 خطوات لتقييم نتائج التدريب:

إنَّ أكبر العقبات التي تحول دون إجراء تقييمات فعالة هي عدم معرفة كيفية القيام بذلك، والخوف من أنَّ نتائج التدريب قد لا تكون جيدة؛ لذا إليك فيما يأتي ثلاث خطوات عملية لتقييم التدريب بصورة أفضل:

أولاً: تحسين النتائج

أول خطأ يقع فيه بعض قادة التعلم عند تقييم التدريب هو افتراض أنَّ كل شيء يمكن أو ينبغي قياسه، وهذا يؤدي عادةً إلى جمع بيانات قد تكون إما عامة للغاية بحيث لا تكون مفيدة، أو لا تفيد الشركة، مثل الإحصاءات المتعلقة بحضور الدورة أو إكمالها، إذاً بدلاً من محاولة قياس كل شيء، من الأفضل أن تبدأ التقييم باختيار برنامج تدريب يجيب بـ "نعم" عن الأسئلة الآتية:

  • هل يمكنك توقُّع نتائج واضحة من التدريب؟
  • هل الهدف من البرنامج هو التركيز على قضايا العمل الاستراتيجية؟
  • هل التدريب موزع على جلسات متعددة؟
  • هل يمكن تطبيق جوانب من التدريب فورياً؟
  • هل ترغب بتكرار هذا البرنامج؟

بعد أن تنتهي من تصميم برنامج تدريب مناسب وتطويره، يجب عليك التركيز على تحسين النتائج؛ أي يجب أن تطبق عناصر من برنامج التدريب في العمل، وهذا سيقدِّم نتائج كبيرة وواضحة ويسهل قياسها.

كما أنَّ تقديم نتائج فعالة لأصحاب المصلحة خلال البرنامج يمنحك الثقة لتعيد استخدام استراتيجية القياس في برامج أخرى، ويساعدك على التغلب على الخوف من فكرة أنَّ التقييم سيركز على حالات الفشل، ولتحسين النتائج، يجب عليك التركيز على تطبيق التعلم من خلال التفكير في الأمور الآتية:

1. تقليل كمية المحتوى:

تتضمن برامج التدريب في كثير من الأحيان كثيراً من المحتوى، فإذا قللت كمية المحتوى عبر التركيز على المعلومات الهامة للغاية فقط، فسوف يتذكرها المتدربون ويفهمونها أكثر.

2. إمكانية تطبيق المعلومات في العمل:

صمم برامج التدريب لتقديم نتائج خلال الدورات التدريبية وبعدها، وهذا يعني أنَّ معظم التدريب يجب أن يكون قائماً على الممارسة، على سبيل المثال، قد تكون القاعدة العامة إعطاء 30% من المعلومات النظرية و70% من التطبيق؛ أي الجمع بين التدريب التقليدي في الصفوف الدراسية وتطبيق التعلم في العمل، وبهذه الطريقة يمكنك تعزيز ثقة المتدربين في مناصبهم.

3. تقسيم التدريب إلى أقسام عدة:

يجب عليك تصميم التدريب ليكون عبارة عن سلسلة من الدورات المتعددة بدلاً من إجرائه دفعة واحدة، وقد تساعد سلسلة الدورات هذه الجمع بين التعلم والممارسة وتطبيق المعلومات في العمل.

4. استخدام التعلم المدمج:

قد يتيح تصميم سلسلة من النشاطات التدريبية إنشاء تعلُّم مدمج، بحيث يتم تقديم المعلومات النظرية دون الاتصال بالإنترنت، ويُجرى التطبيق بوجود كافة المتدربين، ويشارك المديرون في الوقت المناسب، ويمكن عرض النتائج في نهاية البرنامج.

لكن ليست كل البرامج متشابهة؛ فبعضها غني بالمعلومات، وبعضها الآخر يركز على المهارات أو العادات، وغيرها مصمَّم لتغيير طريقة التفكير حول أمر ما؛ لذا اعتماداً على نوع برنامج التدريب الذي تقيسه، يختلف محتوى التعلم وطريقة تقديمه، ومع ذلك، إليك بعض الطرائق لتحسين عملية تطبيق التعلم في العمل:

  • مشاركة مدير المتدربين خلال البرنامج في أوقات معينة، بحيث يكون لهم أقصى قدر من التأثير.
  • السماح للمتدربين بتطبيق المحتوى التعليمي على الفور في أثناء البرنامج.
  • متابعة التدريب من خلال إجراء الاستطلاعات ومشاركة أفضل الممارسات وما إلى ذلك.
  • إعداد النتائج المستمدة من تطبيق التعلم في مكان العمل وجمعها ونشرها في أثناء التقدم في البرنامج.

بعد تقديم برنامج تدريبي يعالج أحد التحديات الرئيسة ويحفز الأداء ويؤدي إلى نتائج أعمال هادفة، يحين وقت قياس نتائجه.

ثانياً: قياس النتائج

أولاً فكر في نماذج التقييم المختلفة التي تستخدمها بالفعل، وحدد ما إذا كان أحدها يطابق احتياجاتك؛ إذ يحتوي كل نموذج على ميزات تساعدك على التقييم، ومن أبرز هذه النماذج:

1. نموذج كيركباتريك رباعي المستوى لتقييم التدريب (Kirkpatrick’s Level 4):

يشير إلى التركيز على تطبيق المعلومات وإحراز النتائج في العمل أكثر من الاهتمام برضى المتدربين عن التدريب.

2. نموذج فيليبس للعائد على الاستثمار (Phillips’ ROI Model):

يحتوي على نصائح رائعة حول كيفية حساب العائد على الاستثمار (ROI) وتقييم تأثير برنامج تدريب الموظفين في نتائج الأعمال.

3. نموذج ثالهايمرز لتقييم تطبيق التعلم (Thalheimer’s LTEM):

يوضح ما يجب القيام به للتصميم والقياس، بحيث يتذكر المتدربون المعلومات مع مرور الوقت، ويمكن تطبيقها بدلاً من حفظها فقط.

عندما يتعلق الأمر بالتقييم، فإنَّ "نموذج برينكرهوف لحالة النجاح" (Brinkerhoff’s Success Case Method) هو نموذج يسهل إدارته والحصول على بيانات النتائج منه، كما أنَّ تطبيقه سهل عندما تكون نتائج البرنامج واضحة.

الفكرة الرئيسة من النموذج هذا هي تحديد أفضل 10-15% من المتدربين الذين طبقوا محتوى التدريب بفاعلية وحققوا نتائج أعمال رائعة، كي تتمكن من معرفة كيفية حدوث ذلك، ثم احرص على إعلام أصحاب المصلحة المعنيين بذلك.

اطلب من جميع المتدربين تطبيق المهارات التي تعلموها في أثناء التدريب، ثم اجمع المعلومات التي تدعم التطبيق خلال التدريب، واطلب منهم تقديم نتائجهم مباشرة إلى الإدارة العليا في نهاية البرنامج، وغالباً ما يستجيب المتدربون بصورة أفضل عندما تقيِّم الإدارة العليا مستوى تأثير (الفرد أو الفريق أو المؤسسة) في كل عرض تقديمي، وبعد ذلك، تابع الأمر من خلال إجراء المقابلات مع أفضل 15% من المتدربين.

خلال هذه العملية، اعثر على أدلة تدعم النتائج التي تم الإبلاغ عنها، وحدد ما مكَّن المتدربين من إحراز مثل هذه النتائج الرائعة، وابحث عن أي عوائق لتطبيق المعلومات في مكان العمل، فالفكرة هي أنَّه من خلال فهم آلية التأثير، يمكنك إعادة تقديمه ومساعدة مزيد من المتدربين على تحقيق نتائج أفضل في قادم برامج التدريب، لكن حتى إن اخترت نموذجاً للقياس، ستظل بحاجة إلى طريقة فعالة لإظهار النتائج لأصحاب المصلحة.

ثالثاً: إعداد تقرير بالنتائج

عندما يتعلق الأمر بمشاركة نتائج التدريب، لا يوجد نهج معين يناسب الجميع؛ إذ يعتمد ما تختار مشاركته وكيفية تقديمه على عوامل عدة؛ أولاً يتعلق الأمر بنموذج التقييم الذي استخدمته، فإذا كان من أحد التقارير المُعتمَدة، فكل ما عليك فعله هو اتباع التصميم النموذجي.

أما العامل الثاني فهو يتعلق بكيفية مشاركة الشركة لنتائج الأعمال، فإذا لديك طريقة مجربة وموثوقة لإيصال رسالتك، فاستخدمها؛ لأنَّ استخدام طريقة يألفها الجميع أمر أساسي لفهم برامج التدريب وكسب تقدير الآخرين لها.

أخيراً، يجب عليك التفكير في الرسالة التي تريد نقلها، وكيفية تحقيق ذلك بفاعلية، ففي كثير من الأحيان، يستخدم متخصصو التعلم والتطوير مصطلحات مخصصة للتعليم لا يفهمها المديرون التنفيذيون لشرح نتائج البرنامج؛ لذا تجنب ذلك حيثما أمكن، واستخدم المصطلحات الخاصة بالشركة والتعبيرات التجارية المعروفة.

إحدى أفضل الممارسات لعرض النتائج هي تحويل البيانات إلى صور، ويُعرَف هذا باسم "تصور البيانات" (data visualization)، وقد يكون من المفيد إظهار أمور مثل:

  • المقارنة بين الوضع قبل التدريب وبعده.
  • تطبيق بيانات مكان العمل.
  • المجالات التي تتطلب دعماً أو تركيزاً إضافياً.
  • المجالات التي يمكن تحسين التدريب فيها.

تأكَّد عند استخدام تقنية تصور البيانات من أنَّها بسيطة وسهلة الفهم، وتركز على جوهر الموضوع وتُثبِت وجهة نظرك بفاعلية، وفي النهاية، تذكَّر تصميم وتقديم برامج تدريب من شأنها أن تُحدِث تأثيراً، وإجراء التعديلات خلال فترة التدريب، وإيجاد طريقة تقييم مناسبة لقياس نجاح التدريب بفاعلية.