تنجح برامج تدريب الموظفين في تحقيق الأهداف المطلوبة عند إعدادها وفق منهجية تتبع خطوات مدروسة ومنظمة، وغالباً ما تفشل برامج التدريب القائمة بذاتها التي تحدث لمرة واحدة في تحقيق أهداف المؤسسة وتلبية احتياجات المشاركين.

تتزايد الحاجة لإجراء تدريبات فعالة ومستمرة يمكن تقديمها عبر الإنترنت وعلى أرض الواقع مع انتشار أنظمة العمل الهجينة في معظم الشركات في الوقت الحالي.

يتناول المقال تعريف برامج التدريب والخطوات الأساسية اللازمة لإعداد برنامج فعال يحقق أهداف المؤسسة ويقدم تجربة مفيدة للموظفين.

تعريف برامج تدريب الموظفين:

يمكن تعريف برنامج التدريب على أنَّه مبادرة يقودها قسما الموارد البشرية والمواهب في المؤسسة؛ بغية تنمية مهارات الموظفين أو إعادة تأهيلهم.

تُستخدَم برامج التدريب لتحسين أداء الموظفين وزيادة إنتاجيتهم في وظائفهم الحالية، أو لتأهليهم وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة لتأدية المهام المطلوبة منهم عند الانتقال لوظيفة جديدة.

تعود برامج التدريب المصممة بطريقة مدروسة بالنفع على المؤسسات والموظفين، فهي تزيد من قدرة المؤسسة على الاحتفاظ بالعمالة، وتساعد على تحسين المبيعات، والإنتاجية، والمودة وروح الزمالة بين الموظفين، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة مستوى السعادة في مكان العمل.

يساعد تطبيق البرامج الفعالة من ناحية أخرى على تعزيز قدرة الموظف على نيل الترقيات والمكافآت، وهو ما يؤدي إلى زيادة شعوره بالرضى عن عمله.

إعداد برنامج تدريب ناجح:

تفشل بعض برامج التدريب منذ المراحل الأولى نتيجة سوء التصميم وعدم وجود إستراتيجية متكاملة لإعداد التدريب، في حين تنجح برامج أخرى في تحقيق أهداف المؤسسة والموظفين، وفيما يأتي 5 خطوات لإعداد برنامج تدريب ناجح:

1. تقييم الاحتياجات التدريبية:

تقتضي الخطوة الأولى لإعداد برامج التدريب تحديد الاحتياجات التدريبية وتقييمها، ويساعدك تقييم الاحتياجات على تحديد الفئات المستهدفة من البرنامج، ونوع التدريب وطبيعة المحتوى المطلوب، إضافة إلى تقنيات وطرائق تقديمه للموظفين.

قد تكون الاحتياجات التدريبية محددة في الخطط الاستراتيجية على مستوى الشركة، أو في قسم الموارد البشرية، أو مبادرات التطوير الفردية، ونتيجة لذلك تقتضي الخطوة الأولى لإعداد برامج التدريب تحديد الاحتياجات التي يجب التركيز عليها خلال مراحل التصميم، وذلك عندما لا تكون الأهداف محددة في سياسة الشركة.

لكن كيف تجري عملية تقييم الاحتياجات التدريبية؟

يتم ذلك عن طريق إجراء تقييم شامل للاحتياجات التدريبية على مستوى المؤسسة، وتحديد المهارات التي يفتقر إليها الموظفون، والمتطلبات والمؤهلات الخاصة بوظيفة معيَّنة، والجوانب التي تحتاج للتطوير والتحسين.

يمكنك أن تجمع البيانات من المشرفين، والموظفين، وخبراء الموارد البشرية لتحديد أولويات برنامج التدريب، وفيما يأتي 3 أسئلة تساعدك على تحديد الاحتياجات التدريبية:

  • ما هي الأقسام التي ستستفيد من برامج التدريب الحالية؟
  • ما هي المشكلات التي تريد أن تعالجها باستخدام برنامج التدريب؟
  • من هي الجهات المستفيدة من التدريب؟

يمكنك أن تحصل على البيانات التي تحتاج إليها عن طريق استطلاعات رضى العملاء، وتقييمات أداء الموظفين، ومقارنة نسبة الإنجاز مع أهداف المبيعات، واستطلاعات اندماج الموظفين وإنهاء الخدمة.

تعطي هذه البيانات فكرة عن رضى العملاء، والأرباح، وتجارب الموظفين، وهي تساعدك على تحديد الاحتياجات الحالية، والاعتماد عليها في وضع أهداف التدريب.

2. تحديد أهداف التدريب المؤسساتية:

تهدف عمليات تقييم الاحتياجات التدريبية إلى تحديد الثغرات في برامج التدريب الحالية، والمعارف والمهارات التي يفتقر إليها الموظفون في الشركة، ويجري بعد ذلك تحليل هذه الثغرات، وترتيبها بحسب الأولوية، وتحويلها إلى أهداف تدريبية.

فيما يأتي 5 خصائص يجب أن تتوفر في أهداف برامج التدريب:

  1. توضيح غاية التدريب والنتائج المتوقعة منه.
  2. الالتزام بمعايير "الأهداف الذكية" (SMART Goals) التي تشترط أن يكون الهدف محدداً، وقابلاً للقياس، والتحقيق، وذا صلة بأهداف الشركة، ومؤطراً زمنياً.
  3. التوافق مع أهداف الشركة والمساهمة في تحقيقها.
  4. إتاحة إمكانية تطبيق برامج التدريب الهجينة، والإلكترونية، والتي تجري على أرض الواقع.
  5. تحديد عقبات تطبيق البرنامج، مثل حاجة الموظفين لأخذ إجازة لحضور التدريب.

تهدف برامج التدريب إلى تهيئة الموظفين وتزويدهم بالمؤهلات والمهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح، لهذا السبب عليك أن تختار أهدافاً واضحة وقابلة للقياس لبرامج التدريب، وتحدد النتائج المتوقعة والمهارات والمعارف التي يجب أن يكتسبها الموظفون، فتساعد هذه الأهداف على تصميم محتوى التدريب في المراحل اللاحقة.

3. إعداد خطة عملية لبرنامج التدريب:

تقتضي هذه الخطوة إعداد خطة عمل شاملة تتضمن نظريات التعلم، وتصميم برنامج التدريب، والمحتوى، والمواد، وغيرها من عناصر التدريب.

يمكنك أن تبدأ بإعداد وحدات تدريب تفاعلية ومتَّسقة مع أهداف الشركة، وتحرص على تنويع طرائق التدريب عن طريق دمج ورشات العمل، مع منصات التعلُّم الإلكتروني، والتدريب في مكان العمل على سبيل المثال بغية تلبية الأنماط المختلفة لتعلم الموظفين.

يجري بعد ذلك تحديد المصادر والموارد المطلوبة لتطبيق برنامج التدريب بفاعلية، وهي تشمل المدربين، ومواد التدريب، والأدوات التكنولوجية، ومكان إجراء البرنامج، إضافة إلى تأمين الموارد والميزانية اللازمة التي تضمن فاعلية برنامج التدريب ونجاح التجربة في تحقيق الأهداف المطلوبة.

يتم في هذه المرحلة وضع خطة زمنية توضح ترتيب ومدة وحدات التدريب بناءً على مجموعة من العوامل، مثل أوقات فراغ الموظفين، وجداول العمل، وأولويات الشركة، ويجب أن تعرض الخطة الزمنية على الموظفين وأصحاب المصلحة حتى تتأكد أنَّها تناسبهم.

تعمد معظم الشركات إلى تقديم برنامج تجريبي أولي لاختبار ردود فعل المشاركين وجمع التغذية الراجعة من جميع الأطراف؛ بغية إجراء التعديلات اللازمة قبل إطلاق البرنامج بنسخته النهائية.

4. تطبيق برنامج التدريب:

يتم في هذه المرحلة تطبيق برنامج التدريب على أرض الواقع، ويجب أن يراعي تطبيق البرنامج الخطة الزمنية، واندماج الموظفين، وأهداف "مؤشرات الأداء الرئيسية" (KPI) الخاصة بالتدريب، إضافة إلى توفر الموارد والأدوات اللازمة مثل قاعات التدريب والتجهيزات والمعدات التي يحتاج إليها المدرِّب لتطبيق البرنامج، ويجب متابعة تقدم المشاركين وتقييم أدائهم في أثناء تطبيق البرنامج لضمان فاعلية التدريب.

5. تقييم برنامج التدريب وإجراء التعديلات اللازمة:

يجب متابعة إجراءات تطبيق البرنامج وتقييم نتائجه لتحديد مدى نجاحه في تحقيق الأهداف المطلوبة، ويجري في هذه المرحلة تقييم فاعلية وحدات التدريب عن طريق استخدام أدوات التقييم الشهيرة عبر الإنترنت.

يمكن تعديل برنامج التدريب أو إعادة تقييمه عندما يفشل في تحقيق الأهداف المطلوبة.

في الختام:

برامج التدريب ضرورية لضمان نجاح الشركة في تحقيق أهدافها فهي تزود الموظفين بالمعارف والمهارات اللازمة لتأدية المهام الوظيفية المطلوبة منهم بفاعلية، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الأداء، وتساعد هذه التدريبات من ناحية أخرى على تعزيز اندماج الموظفين وزيادة مستوى رضاهم عن العمل، وهو ما يسهم في رفع معدلات استبقاء العمالة، وتوفير بيئة عمل إيجابية ومريحة للموظفين.

تثبت برامج التدريب التزام المؤسسة بتنمية مهارات الموظفين وتطويرهم ومساعدتهم على إحراز التقدُّم الوظيفي الذي يطمحون إليه، وهو ما يؤدي بدوره إلى تعزيز الروح المعنوية وزيادة الحماسة في مكان العمل.

إضافة إلى ذلك، تتيح برامج التدريب للمؤسسات إمكانية مواكبة التطورات التكنولوجية، والتغيرات في قطاع العمل، وتأهيل القوى العاملة التي تمكِّن الشركة من المنافسة في السوق، وأخيراً، لا يقتصر دور برامج التدريب الفعالة على تحسين أداء الموظفين وحسب؛ بل تسهم في نجاح المؤسسة وتساعد على تنميتها وتوسيع نطاق أعمالها.