يواجه الناس خلال سنتهم الأولى في أي منصب جديد يتسلَّمونه تحديات فريدة، ومنصب مدير التدريب لا يختلف عن ذلك؛ إذ يواجه مديرو التدريب مهاماً مختلفة خلال عامهم الأول في الوظيفة، بدءاً من تشخيص الوضع الحالي لوظيفة التدريب، إلى تقييم احتياجات أصحاب المصلحة والتكيف مع السياسات والعمليات والإجراءات الجديدة.

6 خطوات لتحقيق النجاح خلال العام الأول من تولي منصب في إدارة التدريب:

لحسن الحظ، ثمة خطوات ملموسة يمكنك اتخاذها لتحقيق النجاح في عامك الأول من تسلُّم هذا المنصب؛ لذا اتخذ من القائمة الآتية المكونة من 6 خطوات دليلاً لبداية ناجحة في مجال التعلم:

1. تشخيص حالة العمل:

بعد تسلُّم منصب جديد في إدارة مؤسسة تدريب، أول ما عليك فعله هو أخذ فكرة عن الوضع العام للعمل، فاطرح الأسئلة الآتية على نفسك:

  • كيف هي حالة وظيفة التدريب حالياً؟
  • ما هي المصادر المتاحة حالياً (مثل المواهب والميزانية والتقنيات وخبراء المادة والموردين والأنظمة)؟
  • هل توجد خطة تعلُّم وتطوير (L&D) حالية؟
  • ما هي الأهداف قصيرة وطويلة الأمد للمنظمة؟

سيساعدك تشخيص الحالة الحالية لوظيفة التدريب على إنشاء أساس لقياس التقدُّم المحرَز، كما سيساعدك على توضيح التحسينات التي تجربها لأصحاب المصلحة الرئيسين؛ إذ يجب عليك أن تتذكر أنَّك لستَ قائد تعلُّم فحسب؛ بل قائداً في مجال العمل؛ لذا سيساعدك إجراء التشخيص بفاعلية منذ البداية على تقديم تدريب يتوافق وأهداف العمل.

يمكن أن تساعدك إجراء التقييمات، الرسمية منها وغير الرسمية، على تشخيص الوضع الحالي لمؤسسة التدريب، وعلى الرغم من توفُّر مجموعة متنوعة من أدوات التقييم في سوق العمل، يجب عليك البدء من خلال التعمق في الأبحاث التي أُجرِيت في صناعة التدريب حول قدرات العملية الرئيسة لمنظمات التدريب الناجحة؛ إذ تقدِّم هذه الأبحاث إطاراً لأفضل الممارسات التي يمكنك استخدامها لتقييم القدرات العملية الحالية لوظيفتك في التدريب وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسينات.

كما يجب عليك التحدث مع أصحاب المصلحة والمتدربين ومديريهم وأعضاء فريق التدريب حول الوضع الحالي لوظيفة التدريب، فالتحدث مع المديرين التنفيذيين في كل من مؤسستك ومؤسسات عملائك سيوفر نظرة ثاقبة حول أهداف العمل طويلة الأمد، التي قد يكون المتدربون على دراية بها أو لا يدركونها، وذلك كي تتمكن من تقديم تدريب يحقق تأثيراً أكبر؛ إذ لا تقدِّم هذه المحادثات أفكاراً حول تحديات وأولويات العمل فحسب؛ بل تساعدك أيضاً على بناء الألفة والثقة، وهذا يساعدك لاحقاً على اكتساب الدعم عند تقديم مبادرات التدريب.

على جميع مديري التدريب إجراء تشخيص لحالة العمل بعد تولِّي منصب جديد، ولا سيما أولئك الذين يترأسون المنصب في مؤسسة لم يعملوا فيها من قبل؛ إذ يقدِّم التشخيص الفعال لمديري التدريب أساساً لبناء مبادرات تعلُّم مؤثرة.

2. ترشيد محفظة التدريب:

بعد تشخيص الوضع الحالي لوظيفة التدريب، فحان الآن وقت ترشيدها؛ فترشيد محفظة التدريب هو أسلوب مصمَّم لمساعدة المديرين على تقييم الدورات لتحديد المفيد منها للعمل؛ إذ يساعد هذا التقييم على اتخاذ قرار الاحتفاظ بالدورة التدريبية أو إلغائها، وتحديد ما إذا كنتَ تستخدم المصادر المناسبة لتصميم التدريب وتطويره وتقديمه.

يمكن أن يكون الترشيد عملية طويلة، ولكنَّه ضروري لإدارة التدريب بنجاح، فمهما كان عدد دورات التدريب التي تستلمها، خصص الوقت الكافي لتقييم القيمة الاستراتيجية لكل منها وطابع ملكيتها، فعند القيام بذلك، ستكون قادراً على تحديد الفجوات في محفظتك، وتحديد الدورات التدريبية التي يجب عليك إزالتها أو تحديثها بمعلومات أو مواد أو مراجعات جديدة.

كما يضمن الأمر أن تتوافق جميع الدورات التدريبية في محفظتك مع أهداف العمل؛ إذ سيساعدك الترشيد في بداية تولِّيك للمنصب على التخلص من الدورات التدريبية التي لا تضيف أيَّة قيمة، وذلك كي تتمكن من توفير المصادر للدورات التي تقدِّم المنفعة، ومع إطلاق دورات تدريبية جديدة على مدار العام، استمر في ترشيد محفظتك لضمان توافق جميع المبادرات مع أهداف العمل.

3. وضع خطة:

الخطوة التالية هي إنشاء خطة للتعلم والتطوير، التي ستكون بمنزلة مصدر دائم لقائد التعلم يحدد من خلاله العلاقة بين مبادرات التدريب وأهداف العمل، وبصفتك مدير تدريب جديد، قد ترغب في ملء خطة التعلم والتطوير الخاصة بك ببرامج جديدة ومثيرة للاهتمام تتميز بتقنيات تعلُّم متطورة ومحتوى مستقبلي، لكن تذكَّر أنَّ مهمتك في إدارة التدريب هي تحسين الأداء؛ لذا يجب عليك أن تعالج في جميع الدورات الأولويات الهامة للعمل، ويجب أن تتضمن خطة التعلم والتطوير الناجحة ما يأتي:

  • نظرة عامة عن الشركة.
  • وصف طبيعة المتدربين.
  • الأهداف التجارية لشركتك.
  • تقييم احتياجات عملك.
  • القدرات الحالية لوظيفة التدريب.
  • أهدافك على الأمد القصير والطويل.
  • التحديات المتوقَّعة والحلول لمعالجتها.

سيؤدي إنشاء خطة تعلُّم وتطوير فعالة إلى ربط برامج التعلم مع أهداف العمل، وهذا ما يمهِّد الطريق لتحقيق التوافق الاستراتيجي (strategic alignment) الذي وصفَته الأبحاث التي أُجرِيت في مجال التدريب على أنَّه أهم قدرة عملية لمنظمات التدريب الناجحة.

أخيراً، لا تقلق بشأن تعديل خطة التعلم والتطوير مع تغيُّر احتياجات العمل، فيجب عليك لمواكبة التغيرات السريعة التي تطرأ على مجال الأعمال اليوم، إما إضافة أو استبدال أو توسيع مبادرات التدريب في مرحلة ما؛ لذا سيساعد التحلي بالمرونة دوماً على ضمان استمرار قيادة التغيير في التدريب، حتى في خضم تلك التغييرات.

4. تطبيق الخطة:

بعد إنشاء خطة التعلُّم والتطوير، حان الوقت لتطبيقها، الأمر الذي يبدأ بتقييم وإدارة المصادر المتاحة، مثل خبراء المادة (SMEs) والموردين ومجموعة تقنيات التعلم الحالية والميزانية، وبعدها يمكنك تحديد الدورات التدريبية التي يجب الاستعانة بمصادر خارجية فيها، وتلك التي يُفضَّل تطويرها داخل المنظمة.

عند تصميم الدورات التدريبية وتطويرها، من الهام تحديد أساليب تقديمها بصورة استراتيجية، على سبيل المثال، إذا كنتَ تطوِّر برنامج تدريب لمؤسسة كبيرة متعددة الجنسيات، فقد يكون التعلم الإلكتروني أو التدريب الافتراضي بقيادة مدرب (VILT) أسلوباً مناسباً من حيث إمكانية الوصول إلى التدريب وخفض تكاليف السفر، ومن ناحية أخرى، إذا كنتَ تطوِّر برنامج تدريب لمنظمة يوجد المتدربون فيها في مقر مركزي، فقد يكون التدريب بقيادة مدرب (ILT) خياراً مناسباً.

تتمثل الخطوة الأخيرة في تطبيق خطة التعلم والتطوير في تحديد مؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs) لكل برنامج تدريب من برامجك قبل إطلاقها؛ إذ سيساعدك تحديد المقاييس التي يجب قياسها مقدَّماً على تتبُّع تأثير كل دورة تدريبية في العمل منذ البداية.

5. التواصل:

التواصل مهارة هامة لقادة التعلم، فحتى أكثر البرامج حداثةً وإثارةً للاهتمام ستفقد تأثيرها إذا لم يعلم المتدربون بوجودها؛ لذا احرص على إعلام المتدربين بجميع الدورات التدريبية المتاحة لهم.

كما يجب عليك إبقاء أصحاب المصلحة على اطلاع دائم بجميع مبادرات التدريب الجديدة والتقدُّم العام لوظيفة التدريب نحو تحقيق أهداف العمل؛ إذ سيساعدك القيام بذلك على الحصول على دعم لخطتك وإثبات قيمتها في أثناء تطبيقها، فبصفتك مدير تدريب جديد، سيساعد تسويق نفسك وبرامجك على إثبات قيمتك للعمل منذ البداية.

توجد طرائق عدة لتوضيح قيمة التدريب لأصحاب المصلحة، مثل إنشاء نشرة إعلامية شهرية تعرض آخر المعلومات حول الدورة التدريبية والمقاييس الهامة، أو إجراء اجتماع رسمي كل ثلاثة أشهر تناقش فيه تأثير التدريب في أهداف العمل.

يجب ألا ينتهي توضيح قيمة المشروع التدريبي عند هذا الحد؛ بل يجب على قائد التعلم إعلام أصحاب المصلحة الرئيسين باستمرار بتأثير التدريب في العمل، وخلال العام الأول من تولِّي هذا المنصب على وجه التحديد، سيكون لتوضيح تأثير التدريب في العمل وتسويقه، أثر كبير لتصبح أنت ووظيفة التدريب بأكملها عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه في العمل.

6. تكرار العملية:

تتغير بيئة العمل في يومنا هذا باستمرار؛ لذا يجب على الشركات مواكبة التقنيات الناشئة والتغيرات المجتمعية للحفاظ على أهميتها، وعليه فإنَّ الخطوات التي ذكرناها ليست عملية تطبقها لمرة واحدة وينتهي الأمر؛ بل هي عملية يجب أن تعمل عليها باستمرار.

بعد انقضاء عامك الأول في العمل بصفة مدير تدريب، حان الوقت للبدء من جديد؛ فأجرِ تقييماً جديداً للاحتياجات لتقييم التحديات التنظيمية الحالية والنقص في المهارات، ثم قارنها مع الخطة الأساسية للعمل لتقييم التقدُّم، ورشِّد بعدها محفظة التدريب وفقاً لذلك، وحدِّث خطة التعلم والتطوير التي وضعتَها إذا لزم الأمر، ثم طبقها، واستمر في إعلام قادة الأعمال بالتقدم الذي تحرزه.

في الختام:

قد تشعر بالارتباك خلال العام الأول من تولِّي منصب مدير التدريب، لكن لا تقلق، سيهيئك اتِّباع هذه الخطوات أنت ومؤسسة التدريب بأكملها لتحقيق النجاح في السنين التي تلي انقضاء عامك الأوَّل في الوظيفة.