تحتاج المؤسسات إلى تدريب موظفيها وتحديث مهاراتهم بما يتناسب مع تغيرات ومتطلبات السوق لضمان استمرارية النجاح والنمو في الأعمال التجارية؛ إذ تسود عقلية التعلم والنمو المستمر عند تطبيق ثقافة التدريب المستمر في المؤسسة، وهي تُعَدُّ من العوامل الرئيسة لازدهار النشاط التجاري.

تتكون برامج التدريب المستمر من مجموعة من النشاطات الرسمية مثل الدورات التدريبية، والإجراءات غير الرسمية مثل مراقبة الموظفين الأكثر خبرة في أثناء تأدية المهام ضمن مكان العمل بهدف التعلم منهم، إضافة إلى تنظيم برامج منتورينغ.

أهمية التدريب المستمر:

قد يبدو التدريب المستمر إجراء مكلفاً للوهلة الأولى، ولكنَّ هذا غير صحيح؛ ذلك لأنَّه يؤدي إلى زيادة مستوى سعادة ورضى الموظفين وشعورهم بالانتماء للمؤسسة، فضلاً عن دوره في تعزيز قدرتهم على مواجهة التحديات ورغبتهم بمواصلة العمل في المؤسسة، وهو ما يؤدي بدوره إلى انخفاض معدل دوران العمالة الذي يكلف الشركات ملايين الدولارات كل سنة.

يهدف التدريب المستمر لمساعدة الموظفين على اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق أهداف المؤسسة ومواكبة التغيرات في السوق، وتنظيم عمليات التعلم والتطوير (L&D)، وزيادة الإنتاجية والحماسة؛ إذ تساهم التدريبات المنتظمة من ناحية أخرى في زيادة قدرة الشركة على المنافسة في السوق والنجاح في تحقيق أهدافها.

فيما يأتي 4 فوائد إضافية للتدريب المستمر بالنسبة إلى الموظفين:

  1. ازدياد قدرة الموظف على التأقلم مع التغيرات التي تحدث في السوق بفضل التحديث والتطوير المستمرين للمهارات.
  2. تعزيز شعور الموظف بالرضى، والأمان الوظيفي، والثقة بقدراته ومعارفه وإمكاناته.
  3. الاستفادة من عمليات تحسين المهارات ورفع الكفاءات في تهيئة الموظفين لملء الشواغر الإدارية.
  4. ازدياد قدرة الموظف على تنمية مهاراته ومواكبة احتياجات سوق العمل بفضل التدريب المستمر.

7 خطوات بسيطة لتحسين برامج التدريب المستمر:

تزداد فاعلية التدريب المستمر عند إعداد برامج مدروسة تستخدم إجراءات وتطبيقات تحفز تفاعل واندماج الموظفين وتساعدهم على الاحتفاظ بالمهارات والمعارف المكتسبة على الأمد الطويل، وفيما يأتي 7 خطوات بسيطة لتحسين برامج التدريب المستمر:

1. تسهيل عملية الوصول إلى محتوى التدريب:

يتعرض الموظف لضغوطات كبيرة في العصر الحديث بسبب كثرة الانشغالات والالتزامات الواقعة على عاتقه، ولهذا السبب يصعب عليه إيجاد الوقت والتركيز اللازمين لحضور برامج التدريب، والتوفيق بين مسؤولياته ومهامه الوظيفية الأخرى.

يكمن الحل في استخدام أدوات تقديم المحتوى الرقمية مثل "أنظمة إدارة التعلم" (LMS) التي أثبتت فاعليتها وسهولة التعامل معها بحسب تجارب المستخدمين، فيمكنك أن تختار "نظام إدارة تعلُّم" يقدِّم واجهة بسيطة سهلة الاستخدام، ويتيح لك إمكانية إعداد محتوى يسهل على الموظف الوصول إليه والتعامل معه.

يتيح "التعلم الإلكتروني" (eLearning) من ناحية أخرى إمكانية الوصول إلى المحتوى في الظروف الزمانية والمكانية التي تناسب الموظف، فيمكن إجراء التدريب المستمر عن طريق دمج "نظام إدارة التعلم" مع خصائص التعلم المتنقِّل، حتى يتسنى للمتدرِّب إمكانية الوصول إلى مواد التدريب في طريقه إلى العمل، أو في أثناء الانتظار في الطوابير، وغيرها من الأوقات الضائعة.

كما يمكن تطبيق التدريب المصغَّر الذي يتم عن طريق تقديم وحدات قصيرة ومختصرة من المحتوى في صيغة صور أو رسوم بيانية أو نصوص بسيطة على سبيل المثال، وهكذا يتسنى للمتدرِّب أن يطَّلع على مواد التدريب بسهولة أينما كان.

2. استخدام "التلعيب" (Gamification) بغية تعزيز اندماج الموظفين:

يحتاج الفرد إلى بعض المرح بين الحين والآخر من أجل تخفيف الضغوطات التي يتعرض لها في حياته، فيمكن الاستفادة من تطبيقات "التلعيب" في الحفاظ على تركيز وتفاعل المتدربين خلال الجلسات ونشر ثقافة التدريب المستمر في المؤسسة؛ إذ يؤدي استخدام تطبيقات "التلعيب" ضمن جلسات التدريب دوراً بارزاً في تنمية مهارات الموظفين، والحفاظ على تركيزهم وانتباههم لمدة زمنية طويلة.

يصبح التدريب جزءاً من الروتين اليومي للموظف عند استخدام تطبيقات "التلعيب"، ولا يبقى مجرد واجب أو التزام مفروض عليه ينتهي منه ويتابع العمل على مهامه اليومية؛ إذ تشجع تطبيقات "التلعيب" على المنافسة السوية بين الموظفين، وتزيد من ترابط أعضاء الفريق مع بعضهم، وتتيح إمكانية متابعة التقدم بطريقة ممتعة.

3. تحفيز المدير على المشاركة في إجراءات التدريب:

لا بدَّ أن يمتلك المدير فكرة واضحة عن المهارات التي يحتاجها أعضاء الفريق في المرحلة الحالية والمقبلة على حدٍّ سواء، ويبقى المدير من ناحية أخرى على تواصل مباشر مع الموظفين بصورة يومية، وهو ما يتيح له إمكانية تقييم مقدار التحسن في أدائهم بعد إجراء التدريب.

يساهم تدخُّل المدير في إجراءات التدريب المستمر في تقدير احتياجات الموظفين، وتقييم قدراتهم، ومهاراتهم، وتقديم الدعم والتشجيع الذي يحتاجون إليه، لهذا السبب يجب أن يتدخل المدير في عمليات التدريب، ويساعد الموظفين على تطبيق المعارف والمهارات الجديدة وتحقيق تغيير سلوكي فعلي ضمن بيئة العمل.

يجب أن يشارك المدير أيضاً في تدريب الموظفين العاملين عن بعد عن طريق تنظيم جلسات تقييم، ومنتورينغ، وتغذية راجعة دورية، ومتابعة سير عمليات التدريب بصورة منتظمة؛ إذ تزداد فاعلية هذه الاستراتيجية وسهولة تطبيقها عند استخدام "نظام إدارة تعلُّم" يضم أدوات تتيح إمكانية التواصل المرئي مع الفِرَق العاملة عن بعد.

فيما يأتي 3 أمثلة لمشاركة المدير في برامج التدريب المستمر:

  • الاجتماع مع المدير في مرحلة تحليل الاحتياجات في أثناء تصميم برامج التدريب.
  • ربط تعويض ومكافآت المدير مع نتائج التدريب ومقدار التحسن في أداء الموظفين وإيرادات الشركة.
  • إرساء نظام يتيح للمدير إمكانية طلب المساعدات الوظيفية والتدخلات التدريبية المستعجلة عند الحاجة.

4. استخدام أدوات مفيدة للموظفين العاملين عن بعد والفِرَق العاملة ضمن بيئة المؤسسة:

أدى وجود التكنولوجيا الحديثة والإنترنت إلى حدوث تغييرات جذرية في بيئات العمل، وقد توجهت معظم المؤسسات لنظام العمل عن بعد، وهنا برزت الحاجة لتصميم برامج تلبي الاحتياجات التدريبية لكل من العاملين عن بعد والعاملين ضمن بيئة المؤسسة، ويمكن التوفيق بين نوعي التدريب بسهولة وسلاسة عند استخدام "نظام إدارة تعلُّم" مناسب لتدريب الموظفين.

يستطيع الموظف العامل ضمن مقر الشركة أن يحضر جلسات التدريب التي تجري على أرض الواقع، لكن يُفضَّل أن تُتاح له إمكانية الوصول إلى محتوى التدريب في الوقت الذي يناسبه عبر استخدام تطبيقات التعلم المصغَّر والمتنقِّل، ويجب الاهتمام من ناحية أخرى بتقديم الدعم، والتشجيع، وبرامج المنتورينغ، ولا سيما في حالة الموظفين العاملين عن بعد للحد من شعورهم بالعزلة في أثناء العمل والخضوع لبرامج التدريب على حدٍّ سواء.

يمكن الحد من شعور العزلة عن طريق تنظيم جلسات وندوات عبر الإنترنت بدل الورشات على أرض الواقع، إلى جانب إقامة منتديات مناقشة باستخدام "نظام إدارة التعلم" حتى يتسنى للمتدربين مشاركة آرائهم وتجاربهم، ويجب أن تمنح الموظفين العاملين عن بعد فرصة الخضوع لبرامج المنتورينغ عن طريق تنظيم جلسات فردية تجمعهم مع مدير أو منتور.

5. تلبية مختلف أنماط تعلُّم وميول المتدربين:

لا يراعي بعضهم اختلاف أنماط تعلُّم وميول المتدربين في أثناء تصميم برامج التدريب المستمر.

تضم القوى العاملة الحالية 5 أجيال تختلف عن بعضها من حيث القدرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، فلا يواجه "جيل الألفية " (Millennials)، و"الجيل زد" (Generation Z) مشكلة في التعامل مع منصات التعلم المتنقِّل المعقدة، ولكنَّ استخدام هذه التكنولوجيا الحديثة في برامج التدريب قد يؤدي إلى تخلُّف الموظفين الأكبر سناً عن أقرانهم.

تختلف أنماط وميول التعلم من متدرِّب لآخر، وتقتضي وظيفة المصمِّم مراعاة هذه الاختلافات عن طريق إعداد محتوى متكامل يجمع ما بين العناصر النصية والمرئية والرسومية مع الحرص على إضافة تمرينات بسيطة تهيِّئ المتدرِّب لإجراء النشاطات الأكثر تعقيداً.

قد تمنح الموظفين فرصة الدخول إلى مكتبة إلكترونية تحتوي على مجموعة شاملة ومتنوعة من الدورات التدريبية، حتى تتيح لهم إمكانية مواصلة التدريب بالسرعة والكيفية التي تناسبهم، واكتشاف احتياجاتهم التدريبية والمهارات التي تلزمهم في المرحلة الحالية أو المستقبلية، فقد يتسنى للموظف بهذه الطريقة أن يستثمر أوقات فراغه في الدخول إلى المكتبة الإلكترونية واختيار دورات تدريبية تساعده على تنمية مهاراته وزيادة معارفه.

6. إجراء برامج تدريب عبر الأقسام:

يمكن استثمار التدريب المستمر في تعريف الموظفين إلى طبيعة الأقسام والمناصب الأخرى، بهدف تعزيز التعاطف والتعاون والعمل الجماعي بين الأقسام التي تعمل على تحقيق الأهداف المشتركة، وتبادل المهارات والخبرات بين الموظفين.

قد يبدو التدريب عبر الأقسام صعب التطبيق، لكن يمكن إجراؤه بكل بساطة عن طريق تنظيم تمرينات ونشاطات إلكترونية تتيح للموظفين إمكانية التعاون على حل المشكلات وتبادل الخبرات والمهارات فيما بينهم، كما يمكن تكليف الموظفين بمشاريع جماعية تتيح لهم إمكانية التعلم من بعضهم في أثناء العمل، فقد أثبت "التدريب في موقع العمل" (on-the-job training) فاعليته في تنمية المهارات وتعزيز التعاون والعمل المشترك بين القوى العاملة في المؤسسة.

فيما يأتي 4 فوائد للتدريب عبر الأقسام:

  • التخلص من عقلية حجب المعلومات عن الآخرين ضمن المؤسسة.
  • تشجيع الموظف على اكتساب مهارات جديدة عبر التعاون والعمل المشترك مع زملائه.
  • تهيئة الموظفين لاستلام المناصب الشاغرة في حالات الاستقالة أو الإجازات عن طريق تزويدهم بالمهارات اللازمة.
  • زيادة الإنتاجية بفضل تحسُّن مستوى التواصل والتعاون بين أقسام المؤسسة.

7. الاستعلام عن أهداف وحاجات الموظفين:

يجب أن تضع في حسبانك في أثناء تصميم برامج التدريب المستمر أنَّ الموظف في العصر الحديث قادر على تحديد المهارات التي قد يحتاجها في المستقبل؛ إذ يدرك الموظف التغير المتسارع الذي تشهده المهارات والاحتياجات المطلوبة في مختلف القطاعات، ويعرف أنَّه يجب أن يواكب هذه التغييرات والتطورات حتى يستمر في عمله، ولهذا السبب يجب أن تستعلم من الموظفين عن احتياجاتهم التدريبية.

هاتان طريقتان رئيستان للاستعلام عن الاحتياجات التدريبية للموظفين:

1. تحديد الأهداف التدريبية بصورة منتظمة:

يتم ذلك عن طريق جعل عملية تحديد أهداف التنمية والتدريب جزءاً أساسياً من استراتيجية إدارة الأداء، ويقتضي التطبيق العملي لهذه الطريقة اجتماع الموظف مع المدير مرة في الشهر حتى يتسنى للموظف أن يناقش الإدارة باحتياجاته التدريبية، ويقترح الأساليب التي تناسبه.

2. تأمين وسائل بسيطة لتقديم التغذية الراجعة:

يتشجع الموظف على تقديم تغذية راجعة صريحة يقيِّم فيها جودة التدريب المستمر الذي خضع له، ويتحدث عن أوجه القصور في البرنامج، والاحتياجات التدريبية التي عجز عن تلبيتها عند تأمين وسيلة مناسبة وسرية تتيح له مشاركة رأيه بأريحية، فيمكنك على سبيل المثال أن تستخدم استطلاعات الرأي في أثناء البرنامج وفي نهايته مع الحرص على إعداد بعض الاستطلاعات دون التصريح بأسماء الموظفين بهدف الحصول على تغذية راجعة صريحة.

تزداد حماسة الموظف ورغبته في المشاركة والاستفادة من برامج التدريب والتنمية عندما يشعر أنَّ رأيه هام بالنسبة إلى أصحاب القرار؛ وبالنتيجة تزداد فاعلية التدريبات في تحقيق الأهداف وتلبية الاحتياجات التدريبية.

في الختام:

يتمتع التدريب المستمر بعدد من المزايا والفوائد، ولا سيما عند الالتزام بتطبيق الخطوات الواردة في المقال، ويمكن تطبيق هذه الخطوات عن طريق استخدام "نظام إدارة تعلُّم" يتميز بواجهة بسيطة وتصميم ومحتوى قابل للتعديل بحسب الاحتياجات، إضافة إلى تأمين مجموعة متنوعة من الخيارات لأساليب وتقنيات تقديم مواد التدريب.