يؤدي اعتماد التنوع والإنصاف والشمول (DEI) في مكان العمل إلى تحسينه، لكن نظراً لأنَّ التدريب في هذا المجال يتطلب التمتع بالعقلية المناسبة لتقديمه، فقد يكون الأمر بعيد المنال أحياناً؛ لذا سنتطرق في هذا المقال إلى الجوانب الرئيسة لتحقيق تغيير في العقلية.

لماذا يجب عليك إعادة تقييم التدريب المتعلق بالتنوع والإنصاف والشمول الآن؟

يتمحور برنامج اعتماد التنوع والإنصاف والشمول في مكان العمل حول جمع أفضل المواهب المتاحة في المؤسسة والاستفادة منها لتحقيق النجاح التنظيمي، لكن تُظهر الدراسات الاستقصائية لمجموعات العمل أنَّ عدداً كبيراً من الموظفين لا يشعرون بالاندماج بصورة منصفة في مكان العمل، في الوقت الذي تمتلك فيه الفئات المهمشة مواهب ومهارات وخبرات كبيرة للمساهمة في نجاح المؤسسة.

لسوء الحظ، هذه الخبرات الرائعة معرَّضة لأن تضيع في ظل غياب الشمولية والتنوع في أوساط القوى العاملة، فقد يزداد هذا الخطر بالنسبة إلى الموظفين العاملين عن بُعد أو أولئك الذين يعملون ضمن فِرق هجينة؛ وذلك بسبب التحيزات المنتشرة (وغالباً غير المقصودة)؛ إذ تسهِّل أماكن العمل الهجينة؛ حيث لا يجتمع الجميع فعلياً في المكان أو الوقت ذاته، استبعاد بعض العاملين من المحادثات الرئيسة واتخاذ القرارات، وهذا يعزز الحاجة لإعادة تنظيم التدريب على التنوع والإنصاف والشمول في أماكن العمل الهجينة.

لماذا تفشل مبادرات التدريب التقليدية على التنوع والإنصاف والشمول؟

تنفق المؤسسات في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 8 مليارات دولار سنوياً على التدريب على التنوع، ولا يوجد دليل على نجاح هذه الأساليب التقليدية؛ إذ تتضمن بعض الأسباب الكامنة وراء فشل التدريب التقليدي على التنوع والإنصاف والشمول ما يأتي:

1. تحيزات في تصميم التدريب:

تقع فِرق التعلم والتطوير ضحية أفكار نمطية مسبقة حول قدرات المتعلم عند تصميم منهج تدريبي؛ فاستخدام ضمائر "نمطية" وأدوار جندرية "مقبولة" وحالات استخدام وسيناريوهات عفى عليها الزمن لتطوير محتوى التدريب، يعوق التدريب على التنوع والإنصاف والشمول بدلاً من تعزيزه.

2. تحيزات في تقييم التدريب:

تستند معظم المقاييس التقليدية "لنجاح" التدريب إلى معدلات إكماله، لكن لم يعُد مجرد اجتياز الدورة التدريبية بسهولة أمراً مفيداً؛ إذ يجب على فِرق التعلم والتطوير النظر إلى ما هو أبعد من مجرد إكمال دورة التدريب على التنوع والإنصاف والشمول لإحداث تغيير في طريقة التفكير والتغلب على التحيزات وإحداث تغيير دائم في السلوك.

3. تحيزات في تقديم التدريب:

نجد في معظم برامج التدريب تحيزات في تقديمها؛ لأنَّ القائمين عليها يواجهون صعوبات في تنسيقها وتقديمها للفرق الهجينة؛ إذ يُعِدُّون التدريب حدثاً هاماً، لا يتبعونه بأي نشاط آخر مرتبط به بعد الانتهاء من تقديمه، لكن توصلت الأبحاث إلى أنَّ تأثيرات التدريب في التنوع بِعَدِّه مجرد حدث، تستمر يوماً أو يومين فقط بعد الانتهاء من تقديمه.

لا يجب أن يتعلق التدريب على التنوع والإنصاف والشمول الفعال بإكمال عدد محدد من الوحدات أو تسجيل عدد ثابت من ساعات التدريب؛ بل يجب أن يستمر ويركز على تقديم نتائج تعلُّم مستمرة ومؤثرة بدلاً من مجرد إكمال هدف.

من الهام الاعتراف بالحاجة إلى تغيير الطريقة التقليدية في تصميم وتقديم وإدارة مبادرات التدريب على التنوع والإنصاف والشمول، فدون ذلك، ستفشل المؤسسات في اعتماد التنوع أو الإنصاف أو الشمول في أماكن العمل الهجينة.

ما هي الجوانب الرئيسة التي يجب أن تأخذها في الحسبان لتقديم تدريب ناجح على التنوع والإنصاف والشمول في مؤسستك؟

يتطلب التدريب الناجح على التنوع والإنصاف والشمول بنية راسخة يرتكز عليها تصميمها، ومع إيلاء الأهمية للمتدربين، يجب على مصممي برامج التعلم والتطوير إنشاء قنوات ومنصات عدة لتسهيل تقديم برامج تعلُّم مستمرة تركز على الأداء؛ فيجب أن تشمل الجوانب الرئيسة للبرنامج ما يأتي:

1. نهج قائم على النظام البيئي:

لا يمكنك إنشاء تدريب ناجح حول التنوع والإنصاف والشمول باستخدام نهج قائم على الحدث، ففي أماكن العمل الهجينة، تتمثل أفضل طريقة لتعزيز التدريب على التنوع والإنصاف والشمول في إنشاء نظام بيئي للتعلم والأداء من خلال ربط الأشخاص ببعضهم ودعمهم عبر تقديم مجموعة متنوعة من المحتوى والعمليات والتقنيات لتشجيع التنوع والشمولية.

2. تعزيز الوعي:

إذا كنت تريد أن يقبل المتدربون بالمشاركة في تدريب على التنوع والإنصاف والشمول ويعتمدوه، فمن الهام إبراز فائدة تلك القِيم بالنسبة إليهم؛ أي الوعي بأسباب أهميته والفوائد التي سيعود بها عليهم.

3. تصميم التدريب بهدف التعلم التجريبي:

نظراً لأنَّ المرء يتعلم من خلال الخبرات التي يكتسبها في أثناء العمل، ينحرم العاملون عن بُعد والفِرق الهجينة من هذه الميزة، فهم لا يتعلمون بالوتيرة التي يتعلم بها زملاؤهم الموجودون في مكان العمل؛ لذا كي تجعل التدريب على التنوع والإنصاف والشمول متنوعاً وشاملاً ومنصفاً، من الهام تصميمه على أساس التعلم من التجارب، فإذا لم ننجح في البداية، نتعلم من إخفاقاتنا.

4. إنشاء مساحات آمنة للممارسة بهدف الحفاظ على السلامة النفسية:

يُعَدُّ استخدام التكنولوجيا الغامرة (immersive technologies)، مثل السيناريوهات المتفرعة (branching scenarios) وتقنية التلعيب (gamification) وفيديوهات 360 درجة (360-degree videos)، إضافة إلى الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، طريقة رائعة ليمارس الموظفون ما تعلموه في مساحة آمنة، كي يتمكنوا من تحسين قدراتهم على فهم وتطبيق المفاهيم الرئيسة للتدريب على التنوع والإنصاف والشمول.

5. تعزيز التعلم:

يجب أن يتضمن أي برنامج تدريب ناجح عناصر لتعزيز التعلم ومحتوى يتحدى ويحفز تحديث أو مراجعة مصادر التعلم الأولية، فهذا الجانب من البرنامج التدريبي هو الذي يؤدي إلى التغيير في طريقة التفكير، ويُحدِث تغييراً إيجابياً في السلوك.

6. توفير مصادر التعلُّم في وقت الحاجة:

إنَّ استخدام مصادر التعلم خلال سير عمل المتدرب عبر أدوات التعلم في الوقت المناسب (JIT)، هو استراتيجية تعلُّم فعالة لترسيخ المعلومات التي اكتسبها المتدربون من التدريب على التنوع والإنصاف والشمول؛ إذ يمكِّن التعلم في الوقت المناسب الموظفين من الوصول إلى المعلومات عند الحاجة إليها، ويسهِّل التطبيق الفعال لما تعلموه لتحسين الأداء.

7. تصميم التقييمات لفهم طريقة اكتساب المعرفة وتقييم التغيرات في السلوك أو التغلب على التحيزات:

للتخلص من بعض التحيزات التي نوقشت سابقاً، يجب على متخصصي التعلم والتطوير إنشاء تقييمات تقيس التغييرات في المواقف والسلوكات والعقليات، بدلاً من تلك التي تقيس تذكُّر قوائم المراجعة والكلمات المفتاحية من المعلومات.

8. الكوتشينغ والمنتورينغ لتقديم التغذية الراجعة:

لضمان نجاح برنامج التدريب على التنوع والإنصاف والشمول في المؤسسة، يجب على فِرق التعلم والتطوير ضمان تقديم التغذية الراجعة للمتدربين باستمرار، إلى جانب التشجيع الدائم والاطمئنان على وضع الموظفين بصورة متكررة؛ إذ يؤكد هذا الجانب من تصميم النظام البيئي للمدربين أنَّ التغيرات السلوكية التي يهدف التدريب لتحقيقها تظهر في مكان العمل.

لكي تحقق أيَّة استراتيجية تدريب على التنوع والإنصاف والشمول أهدافها، من الهام أن يكون التدريب نفسه يشمل القوى العاملة بأكملها، مع إيلاء أهمية خاصة لأماكن العمل البعيدة والافتراضية؛ لذا يجب على فِرق التعلم والتطوير تحقيق الأهداف المذكورة آنفاً ضمن إطار تقديم مدمج للتدريب.

  • نظراً لصعوبات الوقت والمسافة التي تفرضها أماكن العمل الهجينة، قد يمنع اعتماد نموذج التدريب بقيادة مدرب (ILT) في مكان العمل فقط، شريحة كبيرة من القوى العاملة من المشاركة في التدريب على التنوع والإنصاف والشمول، ومن ثمَّ لن يتم التعامل مع التحدي المتمثل في تدريب هؤلاء الموظفين والتعرف إلى تحيزاتهم اللاواعية في التدريب على التنوع والإنصاف والشمول ومعالجتها.
  • يوفر الجمع بين التدريب الذاتي والشخصي والتدريب الافتراضي بقيادة مدرب، فرصة للمدربين لتقديم كوتشينغ ومنتورينغ شخصي شامل حول التنوع والشمول للمتدربين الذين يحتاجون إليه أكثر من غيرهم، فنظراً لحساسية أمر التغذيات الراجعة المرتبطة بالتدريب على التنوع والإنصاف والشمول، فإنَّ تقديم تغذية راجعة سرية وشخصية في نموذج التقديم المدمج يعود بنتائج أفضل من اعتماد النموذج الشخصي أو الذاتي بالكامل.

السمة المميزة الأخيرة لبرنامج التدريب على التنوع والإنصاف والشمول الناجح هي طبيعته المستمرة.

  1. للحفاظ على استمرارية اعتماد التدريب على التنوع والإنصاف والشمول، يجب أن تستمر برامج التدريب في تقييم وإعادة تقييم كيفية تطبيق المتدربين لما تعلموه في العمل.
  2. يجب توفير دورات تحسين وتجديد للمعلومات مرتبطة بالدورة الأساسية إذا دعت الحاجة لذلك.

في الختام:

نظراً لمدى تفرُّد هذه الجوانب من التدريب على التنوع والإنصاف والشمول، قد لا تعالج الدورات المُعَدَّة مسبقاً الاحتياجات التدريبية لكل مؤسسة؛ بل فقط من خلال تصميم وتطبيق برامج تدريب مخصصة على التنوع والإنصاف والشمول، تضمن المنظمات توافق احتياجاتها الفردية مع تحديات مكان العمل الفريدة.

قد يكون تدريب الفِرق الهجينة على تفاصيل التدريب على التنوع والإنصاف والشمول أمراً صعباً؛ إذ نظراً لأنَّ التدريب الذي يتلقونه لا ينتج التغير المطلوب في طريقة التفكير، تجد بعضاً من المنظمات إجراء مثل هذا التدريب مهمة شاقة؛ لذا قدَّمنا في هذا المقال بعض الأفكار الملموسة لمساعدة الموظفين على التغلب على بعض تحيزاتهم (الخفية)، وإحداث تغيرات في السلوك، وذلك لتعزيز التنوع والشمولية في مكان العمل.