لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من مقالنا هذه عن مفهوم تذكُّر المعلومات، و4 عوامل تسهم في التذكُّر، وهرم تذكُّر المعلومات، و3 استراتيجيات لتحسين تذكُّر المعلومات، وسنكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير منه عن 8 استراتيجيات أخرى.
استراتيجيات لتحسين تذكر المعلومات
1. التعلم عبر مشاهدة مقاطع الفيديو
يُعد التعلم عبر مشاهدة مقاطع الفيديو وسيلة فعالة لتقديم المعلومات وفهم المحتوى في العصر الرقمي؛ ذلك لأنَّ التمثيل المرئي للمعلومات يساعد المتعلمين على فهمها بسهولة وتذكرها لفترة أطول.
يساعد استخدام هذا الأسلوب في التدريب الموظفين على تلبية احتياجات التعلم المتنوعة، ويعزز تذكُّر المعلومات عبر تقديمها بطريقة مثيرة للاهتمام ويقلل الوقت الذي يحتاجه المتدربون للتعلم؛ إذ أكدت دراسة أجرتها شركة "سافو" (SAVO) أنَّ عرض مواد التعلم مرئياً يعزز تذكُّر المعلومات بنسبة تصل إلى 65%.
2. استخدام محتوى تفاعلي وجذاب
إحدى الطرائق الفعالة لزيادة نسبة تذكُّر الموظفين للمعلومات التي تقدمها لهم الشركات في التدريب هي إنشاء محتوى تفاعلي وجذاب، وتتضمَّن بعض الأمثلة عن ذلك ما يأتي:
- إنشاء قصص تحتوي على مواقف وشخصيات يألفها الموظفون.
- إنشاء فيديوهات رسوم متحرِّكة لتوضيح العمليات المعقَّدة بصورة تفاعلية.
- إنشاء محتوى مرتبط بالوظيفة.
- إضافة اختبارات تفاعلية واستطلاعات وأسئلة وأجوبة.
- استخدام صور لافتة للنظر.
- توظيف الشخصية أو التحدث بصدق أو استخدام الفكاهة المناسبة لتوضيح الأفكار الرئيسة.
3. تطبيق المعلومات على العالم الواقعي
يصعب على الدماغ البشري حفظ الأشياء غير المرتبطة ببيئته أو احتياجاته؛ لذا من المفيد إنشاء وحدات تعلُّم تنطبق بشكل مباشر على الحياة العملية للمتعلمين، وتساعدهم على فهم تأثير التدريب في عملهم، وهذا يعزز احتمال تذكُّرهم للمعلومات، كما يمكن تعزيز مشاركة المتعلمين عبر تشجيعهم على اكتشاف فائدة المفاهيم التي يدرسونها لأنفسهم.
يُعد أسلوب المحاكاة فعالاً لتوضيح كيفية تطبيق أهداف التعلم على العالم الواقعي؛ فهو يتيح للمتعلمين رؤية فوائد أو عواقب اتخاذ إجراءات معينة في بيئة تعلم خالية من المخاطر، وذلك قبل تطبيق مهاراتهم الجديدة في العالم الحقيقي.
4. تعليم الآخرين
توجد طريقة أخرى لزيادة نسبة تذكُّر المعلومات وهي تعليم الآخرين، والتي قد تتضمن مساعدة أحد الأقران في دراسته، أو مناقشة المعلومات مع زميل أو صديق، أو المشاركة في المناقشات عبر الإنترنت؛ إذ إنَّ فهم مواد التعلم بما يكفي لشرحها بوضوح للآخرين، يساهم في ترسيخ المعلومات في الذهن، ويساعد التدريس على تذكُّر مزيد من المعلومات عبر السماح للمتعلمين بالتفاعل مع مواد التعلم بطرائق جديدة ومبتكرة.
5. التعلم في أثناء العمل
يُعدُّ التعلم في أثناء العمل طريقة فعالة لتذكر المعلومات، لا سيما في برامج التدريب التي تقدمها الشركات؛ فهو يمكِّن الموظفين من الوصول بسرعة إلى الإجابات عن استفساراتهم أو بعض من مواد التعلم، عند الحاجة إليها.
عندما يكون التعلم متاحاً دوماً في الأنظمة التي يستخدمها الموظفون يومياً، فإنَّه يصبح جزءاً من حياتهم اليومية، ويشجعهم على ممارسة ما تعلموه، كما يستطيع المتعلمون اتخاذ قرارات مدروسة بسرعة ومعالجة أي صعوبات تعترضهم، وذلك بسبب قدرتهم على الوصول إلى المعلومات المتاحة وقت الحاجة، ويؤدي التعلُّم في أثناء العمل إلى زيادة الإنتاجية والمشاركة وتحسين تذكُّر المعلومات.
6. إجراء الاختبارات
الاستراتيجية التالية لتعزيز تذكُّر المعلومات ومراقبة مدى تقدم المتدربين هي إجراء الاختبارات، فمن المفيد استخدام الاختبارات أو التقييمات في الدورات التدريبية التي تُقام في الشركات؛ فالهدف من الاختبار الذي يسبق التدريب هو تقييم إمكانات الموظفين، أما الهدف من الاختبارات بعد التدريب هو مساعدة المتعلمين على مراجعة المعلومات وتتبع تقدمهم.
7. التعلم من الأخطاء
إضافة إلى مراجعة المعلومات وتتبع التقدم، فالاختبارات فعالة؛ لأنَّها تتيح للمتعلمين ارتكاب الأخطاء، والتي تُعد ضرورية لتذكُّر المعلومات؛ إذ إنَّ العقل البشري ينتبه للأخطاء، ويمنعنا من تكرارها في المستقبل، وارتكاب الأخطاء هو فرصة للتعلم، وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.
8. استخدام مزيج من أساليب التعلم
تختلف شخصيات القوى العاملة، ولكل فرد منهم أسلوب تعلم مختلف عن غيره، فربما يفضِّل أحدهم التدريب عبر مشاهدة مقاطع الفيديو، بينما يفضل آخر التظليل الوظيفي؛ لذا، من الهام أن يستخدم خبيرو التعلم والتطوير أنواعاً مختلفة من برامج تدريب وتعليم الموظفين لمراعاة أنماط التعلم المختلفة.
تجمع برامج التعلم ذات الوسائط المتعددة بين أساليب تدريب مختلفة، وذلك لإنشاء استراتيجيات تعلم مخصصة لأنواع مختلفة من المتعلمين، وهذا يزيد من نسبة تذكر المعلومات، ويعزز الاندماج في التدريب، ويزيد العائد على الاستثمار لبرامج التدريب، ولقد صُمِّم هذا النوع من البرامج للاستفادة من الحواس، ومن ذلك الحواس البصرية والسمعية والحركية، وذلك لتعزيز فهم المواد، ومساعدة المتعلمين على تذكُّر المفاهيم بصورة أفضل.
في الختام
يسهم تنوع أساليب التعلم وتوظيف التقنيات الحديثة بشكل فعَّال في تعزيز تذكُّر المعلومات واستيعابها، ويساعد التعلم عبر الفيديوهات، والمحتوى التفاعلي، وتطبيق المعلومات على الواقع المتعلمين على تثبيت المعرفة بشكل أكبر، كما يعزز التعلم من الأخطاء، وإجراء الاختبارات، وتعليم الآخرين من فاعلية هذه الاستراتيجيات، وإنَّ فهم هذه المبادئ واستخدامها في الحياة اليومية أو بيئة العمل يساهم في تحسين القدرات الذهنية ورفع مستوى الأداء والإنجاز.