هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "ديفيد فول" (David Fulle)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في التعلُّم المُصغَّر.

مؤخراً، حُدِّثَ برنامج "مايكروسوفت آوتلوك" (Microsoft Outlook) الذي أستخدمه إلى "مايكروسوفت أوفيس 365 برو بلس" (Microsoft Office 365 ProPlus)، ونُقِلَ البرنامج المساعد المختص بتنظيم الاجتماعات إلى مكان آخر، وكنتُ حينها بحاجة إلى مقطع فيديو تعليمي سريع على "غوغل" (Google) لمعرفة مكان وجود البرنامج، وعندما وجدتُ الفيديو كانت مدته أقل من خمس دقائق، وهو وقت كافٍ لمعرفة طريقة حل المشكلة.

لقد أصبحَت مهام التعلُّم التي تعتمد على مقتطفات قصيرة أمراً واسع الانتشار، ففي عالم اليوم السريع، وتحديداً في أماكن العمل، قد يكون من الصعب على الموظفين تخصيص بعض الوقت للانضمام إلى دورات تدريبية أو المشاركة بصورة كاملة في موضوع ما.

وفقاً لجمعية "تنمية المواهب" (Association for Talent Development)، يمكن للمتعلم العادي تكريس حوالي 1% من وقته كل أسبوع للتطوير المهني، وبينما تتغير التقنيات والأدوار باستمرار، من الهام الحفاظ على مشاركة الموظفين وجاهزيتهم وقدرتهم على التعلَّم.

وأفضل طريقة لتوفير ذلك للمتعلمين المنشغلين دائماً هو التعلُّم المُصغَّر، وهو نهج صغير الحجم للتعلُّم يتصف بلفت الانتباه والمرونة واختصار الوقت، وغالباً ما يكون فعَّالاً من حيث التكلفة.

ما هو التعلُّم المُصغَّر؟

باختصار، يستخدم التعلُّم المُصغَّر مقتطفات صغيرة وسهلة الفهم من المعلومات حول موضوع ما، وفي الوضع المثالي، يستغرق التعلُّم المُصغَّر من دقيقة إلى خمس دقائق، ويمكن تقديمه في أشكال متنوعة، مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو والصوت والاختبارات والألعاب.

تعود النظرية المتعلقة بالتعلُّم المُصغَّر إلى المدرسة الابتدائية، عندما تعلَّمنا من خلال تكرار المعلومات وإعادة استخدامها، ويمكن أن تساعد المقتطفات القصيرة والمتكررة على التعلُّم والفهم والتطبيق على الأمد الطويل.

تتطلب فترات الانتباه القصيرة مقتطفات قصيرة من المعلومات التي يُسعَى من خلالها إلى تقديم أداء محدد، فمع الجداول الزمنية المزدحمة، تُجرَى معظم دورات التدريب خلال قيام الموظفين بمحاولة إنجاز مهمة ما.

ويُعَدُّ التعلُّم المُصغَّر فرصةً رائعةً لإيصال المعلومات وتوفير التعلُّم وقت الحاجة، ويمكن أن يكون هذا الأمر مفيداً بصورة خاصة في أثناء تأهيل الموظف وتدريبه على المهارات الشخصية واستخدام التطبيقات التي تستند إلى المهام وغيرها المزيد.

لقد استُبدِلَت فكرة أن يأخذ الموظفون دورات طويلة عبر الإنترنت وأن يتقنوا موضوعاً في نهايتها، بفكرة أنَّ الموظفين يمكنهم الوصول إلى مقتطفات قصيرة من المحتوى توفر المعلومات التي يحتاجون إليها، ويمكن إعادة النظر فيها مراراً وتكراراً.

طرائق تحديد فرص التعلُّم المُصغَّر الجيدة

من أجل تحديد أفضل فرص التعلُّم المُصغَّر، اطرح الأسئلة الآتية:

  • هل فرصة التعلُّم مُحدَّدة؟ ترتبط موضوعات التعلُّم المُصغَّر الجيدة بهدفٍ واضح، وتركِّز على أداء أو مهارة أو مفهوم أو مهمة واحدة يمكن تحديدها.
  • هل يمكن أن تكون صغيرة؟ يجب أن يكون التعلُّم المُصغَّر قابلاً للاستخدام خلال فترات زمنية قصيرة، ويجب أن تكون كل فترة قصيرة أقل من 10 دقائق حتى يسهل استيعاب المحتوى، فإذا كان الموضوع شديد التعمق؛ أي يستغرق أكثر من 10 دقائق لإكماله، فإنَّ التعليم المُصغَّر ليس الخيار المناسب.
  • هل يمكن الوصول إليها عند الضرورة؟ يجب أن يَسهُل الوصول إلى المحتوى عند الضرورة.
  • هل تجذب الانتباه؟ حتى لو كانت مقتطفات قصيرة، فيجب أن يكون التعلُّم جذاباً ومناسباً للمهمة دائماً، كما يمكن أن يساعد استخدام تقنيات مثل العروض التوضيحية وسيناريوهات سرد القصص ومقاطع الفيديو والرسوم المتحركة على ضمان إيصال الفكرة وفهمها.
  • هل تركِّز على المتعلم؟ يستخدم التعلُّم المُصغَّر الفعَّال، السياق أو السيناريوهات أو النهج الظرفي بناءً على الجمهور، وذلك لإشراك المتعلم ومساعدته على الاحتفاظ بالمعلومات.

كما توجد العديد من البرامج التي يمكن استخدامها لإنشاء مواد التعلُّم المُصغَّر، مثل "كامتاسيا" (Camtasia) و"كابتيفيت" (Captivate) و"ستوري لاين" (Storyline) و"ووك مي" (WalkMe) و"رايز" (Rise)، والتي تجعل تطوير التعلُّم المُصغَّر سريعاً وسهلاً للمحترفين في مجال التعلُّم والتطوير، بالإضافة إلى الأشخاص غير المحترفين في ذلك.

يمكن أن تكون الفيديوهات الجيدة والسريعة التي توضح طريقة أداء مهمة ما فعَّالةً جداً، وجزءاً من استراتيجية التعلُّم الشاملة الخاصة بك لتوفير المحتوى عند الضرورة، ويمكن استخدام ذلك في مهام بسيطة، مثل تثبيت خرطوشة الحبر لطابعة جديدة، أو لمهام أكثر تعقيداً مثل طريقة تنفيذ مجموعة من الخطوات في تطبيق جديد.

لماذا تلجأ المنظمات إلى التعلُّم المُصغَّر في مكان العمل؟

وفقًا لإذاعة "إيه بي سي نيوز" (ABC News)، نحن نشهد أدنى معدل بطالة منذ 50 عاماً؛ حيث ازداد تدريب العمال على المهارات التكنولوجية لمواكبة التغييرات التقنية المتطورة التي تؤثر في أدوارهم؛ لذا أصبح التدريب السريع والمناسب لأرباب العمل والموظفين، يسمح بملء ثغرات المهارات بطريقة فعَّالة عند استخدام الموارد.

تشمل مزايا التعلُّم المُصغَّر كلاً من الآتي:

  • سهل وسريع ورخيص من حيث التطوير.
  • سريع الاستخدام.
  • المرونة وتوفير حرية تخطِّي الموضوعات التي قد يعرفها المتعلمون بالفعل.
  • ليس من الضروري أن يؤثر في نظام إدارة التعلُّم الخاص بشركتك.
  • يسمح بفترات توقُّف طبيعية ويتيح التفكير.
  • يعزِّز التعلُّم المستمر.

يمكن أن يكون التعلُّم المُصغَّر جزءاً من استراتيجية إدارة التغيير الشاملة لإيصال فكرة التغيير، كما أنَّ له جوانب ووسائل وحالات استخدام متعددة، سواءً كنتَ تستخدم التعليم المُصغَّر لإجراء تغيير كبير أم تعليم الموظفين مهمةً بسيطةً، آمل أن يساعدك هذا المقال على تحديد وتطوير ما يناسب المتعلمين.